١٢٥٨ ـ الشيخ شريف المقري المتوفى سنة ١٢٩٨
الشيخ شريف ابن الشيخ إبراهيم المحبّك المقري الشهير.
كان في أوائل عمره يتعاطى صنعة البصم المعروفة [بالبصمجي] ، فخرج يوما إلى ظاهر حلب فرأى رجلا معه حمار عليه عدل دقيق ، فوقع العدل ، فاستنجد بالمترجم وسأله معاونته في تحميل العدل ، فلبى طلبه ، وفي أثناء تحميله وقع العدل على رجله اليسرى فانكسرت من الركبة وتعطلت بتاتا ، فقطعت وصار بسببها أعرج ، فاتخذ له حجرة في الجامع الكبير ، فأشار عليه الأستاذ الترمانيني أن يلازم المقرىء الشهير الشيخ سعيد الركبي ويتعلم القرآن العظيم غيبا ويتلقاه عنه ، فامتثل أمره ولازم الشيخ سعيد في دار القرآن العشائرية في الجامع ، وفي مدة وجيزة أتقن القرآن العظيم حفظا من رواية حفص.
حدثني تلميذه الحافظ الشيخ محمد بيازيد شيخ دار الحفظة الآن عن شيخه المترجم قال :
كنت يوما هناك ، فإذا بالشيخ أحمد الترمانيني قد فتح باب المكتب وقال : يا شيخ شريف ، قد خرج لك الإذن في إقراء القرآن وتعليمه. وأمره أن يفتح مكتبا على حدة ، وأمر الشيخ عقيل الزويتيني أن يضع ولده الشيخ أحمد الذي صار مفتيا في حلب ، فكان أول من قعد عنده وأول من حفظ القرآن عليه. ولما تصدى للتعليم هرع الناس للتعلم عنده في المسجد الكائن في سوق الحرير أمام الخان المعروف بخان البنادقة (١) وأقبلوا عليه إقبالا عظيما لما كان عليه رحمهالله من الصلاح والتقوى والنصح في التعليم ، ولا يمكن أن يحصى عدد الذين تعلموا عنده القرآن تلاوة في المصحف وعن ظهر قلب ، ومئآت ممن أدركنا من أهالي الشهباء يقولون كان تعلّمنا عنده ، ولم يزل منهم عدد ليس بقليل في قيد الحياة من حفظة وغيرهم ، والكل مجمعون على الثناء عليه وعلى صلاحه وورعه وتقواه وصفاء سريرته. وكان لا يمل من القراءة ويقرأ في كل يوم ختمة مواظبا على قيام
__________________
(١) هذا المسجد كان عليه آثار القدم ولا أدري ما اسمه قبل أن يتخذه المترجم مكتبا ويسمى باسمه ، ولم أقف على اسم بانيه ولا متى بني. وفي سنة ١٣٤٣ خربته دائرة الأوقاف واتخذت موضعه ثلاثة حوانيت بعد أن أعطت جانبا منه للجادة وعمرت المسجد فوق هذه الحوانيت عمارة حسنة ، وذلك بمساعي مدير الأوقاف الحالي السيد يحيى الكيالي ، وقد نقش اسمه فوق باب المسجد.