ولد بحلب ونشأ بها ، وقرأ النحو واللغة الفارسية على الفاضل الشيخ محمد بن هالي الحلبي ، وقرأ على العالم الشيخ محمود البالستاني والسيد علي العطار والسيد عبد السلام الحريري والشيخ عبد الرحمن البكفالوني ، وقرأ الهداية على العالم المحقق السيد محمد الطرابلسي مفتي الحنفية بحلب ، والفرائض والحساب على الشيخ مصطفى اللقيمي والشيخ يس الفرضي ، وأخذ الحديث عن الشيخ عبد الكريم الشراباتي. وصار علما في الفضائل يشار إليه ، ومرجعا في المعارف يعول عليه ، جمع من مسائل الفقه ما تفرق وشرد ، فأوضح ما أغلق منها وقرب ما ابتعد ، طالما استوعب الصباح مجدّا في السهر ، حتى أحاط من إيضاح معلقات المعاني بما شتت شمل الفكر ، وأحرز حسن الخط وقت الإنشا ، ودرس مدة في مدرسة الإسكندرية التي جدد بناءها وأنشا.
وكان ذا ذهن وقاد ونظر نفاد ، تولى مهام الأمور في بلدته فأحسن تعاطيها ، ومالت إليه قلوب أعاليها وأدانيها ، ثم سلقته الحساد بألسنة حداد ، فسافر في شوال عام إحدى وسبعين ومائة وألف إلى القسطنطينية وأقام بها ، وحباه صدورها العظام بما استوجبوه له من الاحترام ، وأحاطوا بفضله ومعارفه علما ، وحققوا فيه حسن الظن والأخلاق حقيقة ورسما ، فسمت سيرته وزكت شهرته ، فأمر بالذهاب لمصر في معية فاضل وقته عباس أفندي أحد قضاة القسطنطينية لحصول ما تعذر من الأموال الأميرية ، فأبرز من المساعي ما حمد ويسر الله تعالى إتمام المقصد ، فقرت منه العين ، ثم أرجع للقسطنطينية عام أربع وسبعين موثوق القول مشكور السعي والفعل ، فاستخدم في نيابة الكشف ، ثم تكرر في كتابة الوقائع بدار الخلافة العثمانية ، وحمد طوره ، وذاع بالخير ذكره ، فنزل المنازل البهية ، وتراءت له بها أسنى المراتب العلية ، فاخترمته المنية في العشر الأول من ذي الحجة عام ثمانين ودفن بأسكدار رحمهالله تعالى. ا ه.
أقول : كتب لي الصديق الفاضل الشيخ عبد الحميد أفندي الجابري أن المترجم محرر على قبره هناك أنه قتل ظلما ولم تعرف قصة قتله.
١١٠٦ ـ الشيخ أبو بكر بن أحمد الهلالي المتوفى سنة ١١٨٣
أبو بكر بن أحمد بن علي الشافعي القادري الحلبي ، الشيخ الصالح الورع الزاهد المسلّك المرشد.