أتعاطها وأتعاطى التجارة مع أخويّ الحاج بشير والحاج عبد القادر في الخان المعروف بخان العلبية ثم بخان البرغل. وفي سنة ١٣٣٤ في المحرم توفي أخي الحاج بشير وقد كان أحذقنا في هذه الصنعة. وفي سنة ١٣٣٩ تركنا هذه الصنعة بتاتا لقلة رواجها. وفي هذه السنة أعني سنة ١٣٤٥ لم يبق من معلمي هذه الصنعة سوى اثنين ، ولا يباع هذا المنديل الآن إلا على فلاحي قرى حلب وحماة وحمص والدير ، وقد كان يباع إلى بعض بلاد الأناضول وله هناك شيء من الرواج ، وقد بطل ذلك في هذه السنين الثلاث من حين ما ألزم مصطفى كمال باشا رئيس الجمهورية التركية الأتراك بلبس القبعة (البرنيطة) وربما بطل الباقي بعد سنين قلائل. وقد مضى على وجود هذه الصنعة في حلب أكثر من مائتين وخمسين سنة.
ومكتوب على لوح قبر جد والدي (الحاج أحمد بن محمد الطباخ البصمجي) وقد كانت وفاته سنة (١٢٤٢). والشاش الذي يطبع عليه كان قبل ثمانين سنة يحاك في حلب ويقصر فيها وتسمى صنعته جبّدارا ، وكان يشتغل فيها نحو ألفي شخص كان البعض يؤخذ للبصم والبعض يتخذ للقمصان وغير ذلك ، إلا أنه لم يكن متنوعا في القماش والعرض مثل الذي يجلب في هذه الأزمنة من مانجستر ، بل كان أنواعا وعروضا معدودة. ولما صار يأتي الشاش من مانجستر ، وهو أتقن صنعة وأشد بياضا وأكثر أنواعا وأرخص سعرا ، صار ظل هذه الصنعة يتقلص إلى أن أضمحلت قبل سبعين سنة من حلب ولم يبق لها أثر الآن ، وكثير من الصنائع التي كانت في حلب وغيرها من بلاد الشرق اضمحلت وتلاشت بمزاحمة الصنائع الغربية ، ولله في خلقه شؤون.
١٢٧٧ ـ السيد محمد حسام الدين أفندي المتوفى سنة ١٣٠٩
السيد محمد حسام الدين أفندي ابن تقي الدين أفندي ابن محمد قدسي أفندي ، أحد وجوه الشهباء وأعيانها.
ولد رحمهالله سنة أربع وأربعين بعد المائتين والألف ، ولما صار عمره دون العشر توفي والده فربي في حجر أخيه لأبويه السيد أحمد بهاء الدين.
وقرأ على الشيخ طالب الشهير بأبي عرقية والشيخ عبد القادر سلطان بعض ما يحتاج إليه من العلوم الدينية والعقلية وحصل طرفا منها. وقرأ اللغة التركية على بعض أفاضل الأتراك