الفتوى والضيق الذي كان في صدره هو المانع له من التصدي لذلك.
وكان رحمهالله مربوع القامة ، درّي اللون ، أشهل العينين ، مستدير الوجه ، ممتلىء الجسم ، خفيف اللحية ، لين قشرة المعاشرة ، دمث الأخلاق ، متواضعا ، كريم النفس ، بعيدا عن كل دنية ، وقورا ، محتشما.
وفي الجملة فقد كان حسنة من حسنات الشهباء وركنا من أركان العلم فيها ، عرف فضله الداني والقاصي ، وتلقى الفقه عنه كثيرون ، منهم الشيخ علي العالم قاضي حلب الآن والشيخ عمر المرتيني والمحامي الشيخ عبد القادر السرميني والشيخ أحمد سراج الدين ابن خالته بنت الشيخ أحمد الترمانيني وغيرهم.
١٣٠٩ ـ الشيخ محيي الدين الباذنجكي المتوفى سنة ١٣٢٧
الشيخ محيي الدين الباذنجكي ابن الشيخ سعيد ابن السيد عبد الواحد بن مصطفى بن عبد الرحمن النبهاني المشهور بالباذنجكي ، العالم العامل التقي المرشد.
ولد رحمهالله سنة ١٢٤٢. ولما ترعرع انتظم في سلك الطلاب ، فتلقى العلوم الآلية والفقهية والحديثية على الأستاذ الكبير الشيخ أحمد الترمانيني ، وتلقى الحساب والفرائض على الشيخ عمر ابن السيد محمد بن شيخ أفندي ، وتلقى النحو أيضا وعلم التفسير والفقه عن أمين الفتوى الفقيه الشيخ مصطفى ابن السيد محفوظ الريحاوي ، قرأ عليه حاشية الصاوي على الجلالين. وجاور في المدرسة القرناصية خمس سنين وهو دائب فيها على الاشتغال.
وأخذ الطريقة القادرية الخلوتية عن الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ إبراهيم الهلالي ، وبقي في خدمته نحو عشر سنين ، وأبوه كان آخذا لها عن الشيخ المذكور كما تقدم في ترجمته. ولما توفي الشيخ محمد أخو المترجم ، وذلك سنة ١٢٦٠ ، قعد بعد أخيه على السجادة القادرية في المدرسة الطرنطائية داخل باب النيرب بالقرب من باب الملك ، وصار يقيم الذكر كأسلافه بعد عصر كل خميس مع الإرشاد والتسليك ، وصار له مريدون لا يحصون.
وكان لما لديه من العلم يقرأ الفقه والنحو وغير ذلك لطلبة معظمهم من أهل محلته ومريديه ، مع المواظبة على العبادة والانقطاع إليها وعدم الخروج إلى الأسواق إلا نادرا.