إعطاء إشارة عابرة إلى مبدأ الشورى دون تحديد ، موكلاً أمرها وشكلها إلى نظر الاُمّة ، تمشّياً مع الصبغة العامّة التي تتّسم بها الشريعة الإسلاميّة ، وهي صبغة الخلود ، والمرونة ، التي تمكِّن هذه الشريعة من مسايرة كلّ العصور. وبقائها نظاماً خالداً لجميع الأجيال.
وصفوة القول : أنّ خلود الإسلام يقتضي أن يكتفي هذا الدين ببيان جوهر الاُمور دون شكليّاتها ، وكيفيّاتها.
وهذا المطلب صحيح ـ في حدّ ذاته ـ وإن كان انطباقه على هذا المورد لا يخلو عن إشكال ، فإنّه وإن كان لا يجب على الشارع إعطاء كلّ التفاصيل والخصوصيّات الراجعة إلى الشورى ، غير أنّ هناك اُموراً ترجع إلى ( جوهر ) الشورى وصميمها ، فلا يصحّ للشارع المقدّس أن يترك بيانها إذ أنّ هناك أسئلةً تطرح نفسها في المقام ، لا يمكن الوقوف على أجوبتها إلاّ عن طريق الشارع وبيانه وهي :
أوّلاً : من هم الذين يجب أن يشتركوا في ( الشورى ) المذكورة ؟ هل هم العلماء وحدهم ، أو السياسيّون وحدهم أو المختلط منهم ؟
ثانياً : من هم الذين يختارون أهل الشورى ؟
ثالثاً : لو اختلف أهل الشورى في شخص فبماذا يكون الترجيح ، هل يكون بملاك الكمّ ، أم بملاك الكيف ؟
إنّ جميع هذه الاُمور تتّصل بجوهر مسألة ( الشورى ) ، فكيف يجوز ترك بيانها ، وتوضيحها ؟ وكيف سكت الإسلام عنها إن كان جعل ( الشورى ) طريقاً إلى تعيين الحاكم ؟
* * *
٢. إنّ القوم يعبّرون عن أعضاء الشورى بأهل العقد والحلّ ، ولا يفسّرونه بما يرفع إجماله ، وأنّ المقصود من هو ؟ ولذلك قال الشيخ عبد الكريم الخطيب :