فقد تبيّن لك أيّها القارئ الكريم بطلان هذا الزعم ممّا ذكرناه لك مفصّلاً حول المنابع الماليّة الضخمة لهذه الحكومة.
إنّ القول بأنّ الإسلام لا يناسب عصر التقدّم والتطوّر الاقتصاديّ العظيم وعصر البرامج والحاجات الكبرى ادّعاء باطل واضح البطلان فإنّ الإسلام جاء بضرائب دقيقة على أرباح المصانع والمعامل ، بل في كلّ ما استفاده الناس من قليل أو كثير كما مرّ ... فقد جعل على أرباح التجارات وسائر التكسّبات من الصناعات والزراعات والإجارات حتّى الخياطة والكتابة والصيد وحيازة المباحات وغير ذلك من الموارد ضريبة الخمس أي ( ٢٠ % ) وهو يمثّل ثروة عظيمة وخاصّة إذا اُضيفت إلى بقيّة الموارد ، وأضيفت إلى ما يمكن للحكومة الإسلاميّة استفادته من خلال التجارة الواسعة ، والاقتصاديّة المشروعة الكبيرة وتقديم الخدمات العظيمة المكسب ، إذن فلا نقص في ميزانيّة الدولة الإسلاميّة ولا عجز في مواردها.
ثمّ إنّ جميع العائدات الحاصلة من الموارد والضرائب المذكورة هي ملك الحكومة وراجعة إلى الحاكم الإسلاميّ لا لشخصه بل من جهة قيامه مقام الولاية والإمامة ... أي أنّ هذه الأموال يعود أمرها إلى الوالي بما هو ممثّل للاُمّة فعليه أن يحافظ عليها ويصرفها في شؤون الاُمّة ومصالحها.
وتدلّ على ذلك روايات كثيرة متضافرة منها ماورد عن أبي عليّ بن راشد قال : قلت لأبي الحسن الثالث الهادي عليهالسلام : إنّا نؤتي بالشيء فيقال هذا كان لأبي جعفر الجواد عليهالسلام عندنا فكيف نصنع ؟ فقال عليهالسلام : « ما كان لأبي بسبب الإمامة فهو لي ( أي لمقام الإمامة والولاية ) ، وما كان غير ذلك فهوُ ميراث على كتاب الله وسُنّة نبيّه » (١).
__________________
(١) وسائل الشيعة ٦ : باب ٢ من أبواب الانفال : ٣٧٤.