د ـ كان ابن عباس إذا سئل عن أمر : فإن كان في القرآن أخبر به ، وإن لم يكن في القرآن وكان عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أخبر به ، فإن لم يكن فعن أبي بكر وعمر ، فإن لم يكن قال فيه رأيه (١).
إنّ هذه العبارات وما يشابهها من الاعترافات ، تستطيع أن تكشف عن مدى قصور الصحابة في أخذ التعاليم والأحكام الإسلاميّة عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فهي تكشف ـ بوضوح ـ عن أنّ الصحابة كانوا يواجهون وقائع وحوادث جديدةً لا يجدون لها حلولاً في الكتاب الكريم أو في ما تلقّوه من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ولذلك كانوا يحاولون استنباط حلول لها من غير الكتاب والسنّة.
* * *
إنّ الوجه الثاني الذي يدل على عدم استيعاب الاُمّة لكل أبعاد الشريعة وتفاصيلها ، هو الموارد التي لم يرد فيها نصٌّ صريحٌ ، فعمد الصحابة إلى الأخذ بالرأي والقياس ، التماساً للحلول والأحكام المناسبة.
ولذلك أضطرّ الصحابة منذ الأيام الاولى من وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى إعمال الرأي والاجتهاد في المسائل المستحدثة ، وليس اللجوء إلى الاجتهاد بمختلف أشكاله إلاّ تعبيراً واضحاً عن عدم استيعاب الكتاب والسنّة النبويّة ـ عندهم ـ للوقائع المستحدثة بالحكم والتشريع.
غير أنّ الاجتهاد في هذا العصر وما بعده ، لم يكن مقصوراً على الاجتهاد المألوف بين الشيعة الإماميّة من ردّ الفروع إلى الاُصول ، وتطبيق الكليات على المصاديق والجزئيات ، بل كان يعبّر عن لون آخر أشبه بإبداء الرأي من عند الشخص بلا دليل وحجّة قاطعة فيما بينه وبين الله.
__________________
(١) دائرة المعارف لفريد وجدي ٣ : ٢١٣ ( مادة جهد ).