إنّ ضمان استقامة السلطة التنفيذيّة وسلامة سلوكها يتوقّف ـ بالدرجة الاُولى ـ على نوع الشروط والمواصفات المعتبرة في أعضاء تلك السلطة فإنّ أكثر المشاكل التي تعانيها أنظمة الحكم في العالم ترجع إلى سوء اختيار أعضاء هذه السلطة ويعود ذلك إلى الخطأ الحاصل في المواصفات والشروط التي تقيم الأنظمة البشريّة اختيار الوزراء والمدراء والمسؤولين ، على أساسها.
ولقد أدرك الإسلام كلّ هذا من قبل فاعتبر لأعضاء السلطة التنفيذيّة شروطاً ومواصفات يضمن توفّرها فيهم ، سلامة هذه السلطة ، واستقامة تصرّفاتها ... وأبرز هذه المواصفات هي :
لقد كان الإسلام أوّل من اشترط وجود هذا الشرط في أفراد السلطة التنفيذيّة وهو أمر اشترطه في جميع المناصب الدينيّة والزمنيّة حيث يقول : ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) ( النحل : ٤٣ ) ، وهو حثّ على إرجاع كل أمر إلى أهله والعارفين به.
ولذلك قال الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّ الرّئاسة لا تصلحُ إلاّ لأهلها » (١).
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « من عمل على غير علم كان ما يُفسدُ أكثر ممّا يُصلحُ » (٢).
وقال الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليهماالسلام : « العاملُ على غير بصيرة كالسّائر على غير الطّريق لا يُزيدُهُ سُرعة السّير إلاّ بُعداً » (٣).
إنّ إيكال الأمر إلى من لا يعرفه ولا يعرف مدخله ومخرجه إضاعة لذلك الأمر وإيذان بسوء العواقب فالعقل لا يسمح بإيكال أمر إلى من لا يعرف القيام به فكيف بالمسؤوليّة الاجتماعيّة وإدارة البلاد ... ولذلك قالوا : الحكمة هي وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ... ومن الحمق وضع الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب.
__________________
(١ ـ ٣) الكافي ١ : ٤٧ و ٤٥ و ٤٤.