إنّ البحث عن كون الشورى وسيلةً لتعيين الإمام يقع في ظرفين :
الأوّل : بعد وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
الثاني : في زماننا الحاضر ، حيث لا يمكن الوصول إلى الإمام المنصوب من جانب الله سبحانه ، بالاسم.
وبما أنّ القائلين بمبدأ الشورى يصرّون على أنّها كانت أساساً للخلافة والحكم بعد الرسول أيضاً ، فإننا سنبحث الموضوع في كلا الموقعين معاً :
لقد استدل القائلون بالشورى بآيتين هما :
الاُولى : قوله سبحانه : ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ ) ( العمران : ١٥٩ ).
فإنّ الله سبحانه يأمر نبيّه بأن يشاور من حوله ، وذلك تعليماً للاُمّة بأن تتشاور في مهامّ الاُمور ، ومنها ( الخلافة ).
غير أنّ التأمّل والنظر في مفاد الآية ، يكشف عن أنّ الخطاب فيها موجّه إلى الحاكم الذي استقرّت حكومته ، وتمّت بوجه من الوجوه ، فإنّ الله سبحانه يأمره بأن يشاور أفراد الاُمّة ويستضيء بأفكارهم ، وينتفع بمشاورتهم توصّلاً إلى أحسن النتائج كما يقول الإمام عليّ عليهالسلام : « من استبدّ برأيه هلك ومن شاور الرجال في اُمورها شاركها في عقولها » (١). فلا ارتباط للآية ومفادها بما نحن فيه.
وبعبارة اُخرى : إنّ الخطاب وإن كان يمكن التعدي عنه إلى سائر أفراد الاُمّة
__________________
(١) نهج البلاغة : قسم الحكم الرقم (١٦١).