وغير خفيّ على المتتبّع في الآثار النبويّة أنّ المراد من اُولي الأمر حين نزول الآية هو الذي نصّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على أسمائهم من أوّلهم إلى آخرهم ، بيد أنّهم كانوا مصاديق كاملة لهذا العنوان وكان الإشارة إليهم من باب أظهر المصاديق فعندما لا تتمكّن الاُمّة الإسلاميّة من هؤلاء المنصوص عليهم تتمثّل هذه القضية الكليّة في ( العدول ) من أئمّة المسلمين الذين يديرون دفّة البلاد.
ثمّ قد سبق القرآن الكريم إلى هذا بصورة ضمنيّة عند حكايته لقول موسى عليهالسلام وطلبه من الله تعالى إذ قال : ( وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ) ( طه : ٢٩ ـ ٣١ ).
وهو يكشف عن وجود الوزراء للحاكم الأعلى في النظام السياسيّ الإسلاميّ ليشدّوا أزره ، ويعينوه على الإدارة والولاية.
ولقد أقرّ الإسلام وجود السلطة التنفيذيّة وأخذ بها عمليّاً حيث كان النبيّ الأكرمصلىاللهعليهوآلهوسلم يقسّم المسؤوليّات الإداريّة والسياسيّة على الأفراد ، وإن لم يكن هذا التقسيم تحت عنوان إلاستيزار ، واتّخاذ الوزراء ، كما ستعرف.
وخلاصة القول ؛ أنّ القارئ الكريم إذا لاحظ برامج الحكومة الإسلاميّة التي يجب أن يقوم بها النظام الإسلاميّ ، يقف على أنّها لا يمكن تطبيقها بدون أجهزة كاملة ، وسلطة تنفيذيّة في مجالات الاقتصاد والزراعة والماليّة والدفاع والمواصلات وغير ذلك من البرامج وستقف عليها بإذن الله سبحانه في فصلها الخاصّ ، وكلّ من يقوم على هذه البرامج يعدّ جزء من السلطة التنفيذيّة.
لا شكّ أنّ الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم كان إلى جانب مهامه الرساليّة ، يتولّى القسم الأكبر من إدارة شؤون المسلمين السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة ولا شكّ أنّ رقعة البلاد الإسلاميّة ـ آنذاك ـ لم تبلغ من السعة والانتشار بحيث تتطلّب إنشاء تشكيلات