وعن أبي عبد الله الصادق عليهالسلام قال : « إنّ الله تعالى خصّ رسوله بمكارم الأخلاق » (١).
ووصفه الإمام عليّ عليهالسلام بذلك إذ قال : « طبيب دوّار بطبّه ، قد أحكم مراهمه ، وأحمى مواسمه يضع من ذلك حيث الحاجة إليه من قلوب عمي ، وآذان صمّ وألسنة بكم متّبع بدوائه مواضع الغفلة ومواطن الحيرة » (٢).
وهذا يفيد أنّ للإسلام برنامجاً كاملاً لتحقيق هذا المقصد الأعلى والمطلب الأسمى.
يعتقد النظام الإسلاميّ بأنّ الإنسان مفطور على السجايا الأخلاقيّة النبيلة ، وأنّ اُصول التربية موجودة في فطرته بخلق الله سبحانه ، وإنّما يكون دور المربّين والاُساتذة هو استخراج هذه السجايا المكنونة في النفس الإنسانيّة وإثارتها وتنميتها ، وهذا أمر أكّدته آيات كثيرة في الكتاب العزيز ، وإليك ـ فيما يأتي ـ نماذج من هذه الآيات يقول الله سبحانه : ( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ) ( الشمس : ٧ ـ ٨ ).
( وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ) ( البلد : ١٠ ).
إلى غير ذلك من الآيات التي تشير ـ بوضوح ـ إلى هذه الحقيقة ، وتؤكّد بأنّ أصول التربية مزروعة في داخل النفس البشريّة زرعاً ومغروسة غرساً.
وعلى ذلك ، فإنّ دور المربّي ، والمعلّم الأخلاقيّ ـ في هذا المجال ـ لا يتعدّى دور الاكتشاف والإنماء والرعاية ، فمثله مثل البستانيّ الذي لا يقوم إلاّ بتهيئة الظروف المساعدة للنبات والزرع من الرعاية والسقي والعناية بالبذرة لتنبت وتكبر وتنمو ، فإنّ المربّي والمعلّم يهيّء الأجواء المساعدة لنمو تلك السجايا والبذور الأخلاقيّة الموجودة في
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : ٤٥٨ ، ومعاني الأخبار : ١٩١.
(٢) نهج البلاغة : الخطبة ١٠٤.