ومقتضاه.
وبهذا تتمّيز سيادة الجماعة البشريّة حسب منطلقها القرآنيّ والإسلاميّ عن الأنظمة الديمقراطيّة الغربيّة.
فإنّ الجماعة البشريّة ـ حسب هذه الأنظمة ـ هي بنفسها صاحبة السيادة ، لا أنّها تنوب عن الله في ممارستها للسيادة ، ويترتّب على ذلك أنّها ليست مسؤولةً بين يدي أحد ، وغير ملزمة بمقياس موضوعيّ في الحكم ، بل يكفي أن يتّفق الشعب على أمر ليصبح قانوناً يؤخذ به حتّى إذا كان ذلك الأمر مخالفاً لكرامته ، أو مخالفاً لمصلحة جزء من الجماعة.
وهذا بخلاف حكم الجماعة باعتبار الاستخلاف ، فإنّه حكم مسؤول ، والجماعة بمقتضاه ملزمة بتطبيق الحقّ والعدل ، ورفض الظلم ، ومقاومة الطغيان وتكون مسؤولة أمام الله فيما تفعل ، وعلى ذلك فالحكومة الإسلاميّة هو « حكومة الاُمّة على الاُمّة خلافةً عن الله » بمعنى : إجراء سننه وقوانينه ومراعاة ضوابطه وحدوده ، في الحكم والحاكميّة (١).
* * *
والذي يدلّ على أنّ الحكم والحاكميّة من آثار الاستخلاف الإلهيّ للإنسان : أنّ الله سبحانه لمّا جعل داود خليفته في الارض ، رتّب على هذا الاستخلاف أمره بأن يحكم ويقود الناس بالعدل والحقّ فقال : ( يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالحَقِّ ) ( ص : ٢٦ ).
ومن المعلوم أنّ ( الخليفة ) هنا وهناك في قصّة آدم عليهالسلام واحدة معنىً ومراداً ، غير أنّها هناك ذات معنىً أعمّ ، وهنا ذات معنىً أخصّ.
وقد نقل شيخ الطائفة ( الطوسي ) رحمهالله في تفسير التبيان عن ابن مسعود أنّه
__________________
(١) لاحظ رسالةً ( لمحة فقهيّة تمهيديّة ) للمفكّر الإسلاميّ الشهيد السيد محمّد باقر الصّدر.