الحادثة (١). ولا شك أن هذا الرأي لم يقم على أسس منطقية أو تاريخية سوى ورود لفظة «الفتنة» في نصّ حديث ابن عمر ، وقد ورد هذا اللفظ كثيرا في غيره من الأحاديث والنصوص التاريخية.
وبسبب ورود هذه اللفظة في نصّ تاريخي رأى الأستاذ يوسف شخت أنّ الفتنة إنما هي فتنة الوليد بن يزيد المتوفى سنة ١٢٦ ه فقد جاء في تاريخ الطبري في حوادث السنة المذكورة : «وفي هذه السنة اضطرب حبل بني مروان وهاجت الفتنة» (٢). وقد أدّى به هذا الافتراض إلى اعتبار كلام ابن سيرين موضوعا عليه لأنّه توفي سنة ١١٠ ه (٣) ، وهو استنتاج غريب يدل على مجازفة ظاهرة ، فالفتن كثيرة ، وقد ورد هذا اللّفظ في العديد من الأحاديث والنصوص التاريخية والأدبية المتصلة بالقرن الأول الهجري.
وعندي أنّ ابن سيرين لم يقصد فتنة معينة من هذه الفتن المعروفة في التاريخ ، وإنما أراد انتشار الكذب والأهواء وتنازع المسلمين ، وكثرة الوضع والانتحال وتهيؤ الأسباب لذلك (٤).
وقد شعر ابن عباس «ت ٦٨ ه» بخطورة الأمر حين بدأ يقف على أكاذيب أضيفت إلى سيّدنا عليّ رضياللهعنه ويتعجب منها (٥). وروى مجاهد ، قال : «جاء بشير العدوي إلى ابن عباس ، فجعل يحدّث ويقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ،
__________________
(١) روبسن : الإسناد في الحديث النبوي (مقال منشور في مجلة الجمعية الاستشراقية لجامعة كلاسكو ، م ١٥ ص ١٥ ـ ٢٦ (١٩٥٣) بالإنكليزية.
(٢) الطبري : تاريخ الأمم والملوك ٧ / ٢٦٢.
(٣) يوسف شخت : نشأة الفقه الإسلامي ، ص ٣٦ ـ ٣٧ (بالإنكليزية).
(٤) ينظر بحثنا : مظاهر تأثير علم الحديث في علم التاريخ عند المسلمين (الأقلام ، السنة الأولى ، العدد الخامس ، ص ٢٢ ـ ٢٥ ، بغداد ١٩٦٥) ، وأصالة الفكر التاريخي عند العرب (منشور في بحوث المؤتمر الدولي للتاريخ ، ص ٨٩٧ ـ ٨٩٩ ، بغداد ١٩٧٤).
(٥) ينظر صحيح مسلم ١ / ١٣ ـ ١٤.