الغنائم هذا ما كان إليه من نقابة العلويين وعرّفه مرضه وعجزه ، فأجابه إلى ذلك وولّاه نقابة العلويين ، وخلع عليه يوم الخميس الحادي والعشرين من ذي الحجة سنة سبع وأربعين وخمس مئة وكان خلعته : جبّة سوداء وعمامة سوداء وطيلسان وحنك وسيف محلّى بذهب ، وركب إلى داره. فكان على ذلك مديدة ، ثم إنّ أباه أبلّ من مرضه ، وركب وعاد إلى ولايته وعزل ابنه أبا الغنائم.
ومولده يوم الثلاثاء سادس ربيع الآخر سنة ثمان وخمس مئة. وتوفي في ثاني عشر جمادى الآخرة من سنة ست وخمسين وخمس مئة ، رحمهالله تعالى.
١٧ ـ محمد (١) بن أحمد بن صدقة ، أبو الرّضا الملقب جلال الدين ، وزير الراشد ، وهو ابن عمّ الوزير أبي عليّ الحسن بن علي بن صدقة وزير المسترشد.
لما أفضت الخلافة إلى أبي جعفر منصور ابن المسترشد بالله بعد قتل أبيه بمراغة وبويع بمدينة السلام في ذي القعدة سنة سبع وعشرين وخمس مئة استوزر أبا الرّضا بن صدقة ، فكان هو المدبّر لأموره. وكان الراشد مهيبا ذا سطوة فخاف الوزير أبو الرّضا منه واستشعر ، وببغداد زنكي بن آق سنقر أمير الموصل ، واحتاج الراشد إلى إنفاذ الوزير أبي الرّضا إليه في تدبير بعض الأمور ، فحضر عنده بالجانب الغربي من مدينة السّلام وخاطبه فيما جاء به ثم أطلعه على خوفه من الراشد واستشعاره منه ، وسأله أن يكون عنده ويفارق خدمة الراشد ، فأجابه فلبث عنده وطلبه الرّاشد فأعلم بحاله فتركه. ثم صار مع زنكي إلى الموصل فأقام عنده إلى أن أصلح حاله مع الراشد وعاد إلى منصبه. فلما خرج الراشد عن بغداد في سنة ثلاثين وخمس مئة تأخر الوزير أبو الرّضا عنه وخلع الراشد وبويع
__________________
(١) من بيت مشهور بالوزارة والتقدم وأخباره في كتب التاريخ المستوعبة لعصره ، وقد ترجم له مفردا غير واحد منهم : ابن الجوزي في المنتظم ١٠ / ٢٢٠ والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١١٧ والعبر ٤ / ١٦١ والصفدي في الوافي ٢ / ١١١ والعيني ج ١٧ الورقة ٣٤٤ وغيرهم. وسيأتي ذكر ولده أبي الفتح المتوفى سنة ٥٩٧ ه في موضعه من الكتاب.