وفي هذه السنة ورد الخبر من بغداد بوفاة الفقيه الإمام أبي بكر محمد ابن أحمد الشاشي ، رحمهالله ببغداد يوم السبت الخامس والعشرين من شوال منها ، وقد انتهت الرئاسة إليه على أصحاب الشافعي ، ودفن في تربة شيخه أبي اسحق الشيرازي ، رحمهالله (١).
وقد تقدم من ذكر ما كان من نوبة صور ، وانتقال ولايتها الى ظهير أتابك ، واستنابته مسعودا في حفظها وحمايتها ، وتدبير أمرها وإنفاذ رسوله إلى الأفضل بشرح حالها ، ولم يزل الرسول المسير الى مصر مقيما بها الى ذي الحجة من سنة ست وخمسمائة وظهر للأفضل صورة الجال فيها ، وجلية الأمر بها ، وأعاد الرسول بالجواب الجميل ، وأن : «هذا أمر وقع منا أجمل موقع ، وأحسن موضع» ، واستصواب رأي ظهير الدين فيما اعتمده وإحماد ما قصده ، وتقدم بتجهيز الاسطول اليها بالغلة والميرة ، ومال النفقة في الأجناد والعسكرية ، وما يباع على الرعية من الغلات ، ووصل الاسطول بذلك إلى صور ـ ومقدمه شرف الدولة بدر بن أبي الطيب الدمشقي ، الوالي كان بطرابلس عند تملك الأفرنج لها ـ في آخر صفر سنة سبع وخمسمائة ، بكل ما يحتاج إليه ، فرخصت الأسعار بها ، وحسنت حالها ، واستقام أمرها ، وزال طمع الأفرنج فيها ، ووصل في جملته خلع فاخرة من طرف مصر ، برسم ظهير الدين وولده تاج الملوك بوري وخواصه ، ولمسعود الوالي المستناب بها ، وأقام الاسطول عليها الى أن استقام الريح له ، فأقلع عنها في العشر الأخير من شهر ربيع الأول منها.
وأرسل بغدوين الملك إلى الأمير مسعود واليها يلتمس منه المهادنة والموادعة والمسالمة ، لتحسم أسباب الأذية عن الجانبين ، فأجابه إلى ذلك ،
__________________
(١) انظر ترجمته في طبقات الشافعية الكبرى. ط. دار المعرفة بيروت : ٤ / ٥٧ ـ ٦١.