الشمالي من الجامع ، ووقع فحمل إلى الدار الأتابكية ، وأتابك معه ماش ، واضطرب الناس اضطرابا شديدا ، وماجوا واختلفوا ثم سكنوا بمشاهدتهم له يمشي ، وظنوا به السلامة ، وأحضر الجرائحي فخاط البعض ، وتوفي رحمهالله بعد ساعات يسيرة في اليوم المذكور ، فقلق أتابك لوفاته على هذه القضية ، وتزايد حزنه وأسفه وانزعاجه (١) ، وكذلك سائر الأجناد والرعية ، وتألموا لمصابه ، وزاد التأسف والتلهف عليه ، وكفن ودفن وقت صلاة العصر من اليوم في مشهد داخل باب الفراديس من دمشق ، وكل عين تشاهده باكية ، والمدامع على الوجنات جارية ، وشرع أصحابه في التأهب للعود إلى أماكنهم من الموصل وغيرها من البلاد ، وتقدم أتابك باطلاق ما يستدعونه لسفرهم ، واستصحبوا معهم أثقاله وجواريه (٢) وماله.
وقد كانت سيرته في ولايته جائرة ، وطريقته في رعية الموصل غير حميدة ، وهرب خلق كثير من ولايته لجوره ، فلما بلغه تغيّر نيّة السلطان فيه ، عاد عن تلك الطريقة وحسنت أفعاله ، وظهر عدله وإنصافه ، واستأنف ضد ما عرف منه وسمع (١٠٣ و) عنه ، ولزم التدين والصدقات ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المكروه ، فشاعت بالجميل أخباره ، وبحسن الارتضاء آثاره ، ثم توفي سعيدا مقتولا شهيدا ، ولم يزل مدفونا في ذلك المشهد مخدوم القبر بالقومه والقراءة إلى آخر شهر رمضان من السنة ، ووصل من عند ولده وزوجته من حمل تابوته إليهما (٣).
__________________
(١) انظر الدعوة الاسماعيلية الجديدة : ١١٩.
(٢) في الأصل «لجواره» وهو تصحيف قوم من مرآة الزمان ـ أخبار سنة ٥٠٧ ه انظر أيضا ص : ١ / ٥١ من ط. حيدرأباد ١٩٥١.
(٣) الى الموصل ـ مرآة الزمان : ١ / ٥١. وزاد هنا صاحب المرآة أن بلدوين ملك القدس كتب الى أتابك طغتكين يقول معلقا على اغتيال مودود «إن أمة قتلت عميدها في يوم عيدها في بيت معبودها لحقيق على الله أن يبيدها».