العلة وإلى ما يعرف كونه شرطا بالعقل وإن دلّ عليه دلائل أخرى كقولهم : الحياة شرط في العلم والإرادة والسمع والبصر والكلام ، والعلم شرط في الإرادة ونحو ذلك ، كذلك جميع صفات الأجسام وطباعها لها شروط تعرف بالعقل أو بالتجارب أو بغير ذلك ، وقد تسمّى هذه شروطا عقلية والأول شروطا شرعية ، وقد يكون من هذه الشروط ما يعرف اشتراطه بالعرف ومنه ما يعرف باللغة كما يعرف أنّ شرط المفعول وجود فاعله ، وإن لم يكن شرط الفاعل وجود مفعول ، فيلزم من وجود المفعول المنصوب وجود فاعل ، ولا ينعكس ، بل يلزم من وجود اسم منصوب أو مخفوض وجود مرفوع ، ولا يلزم من وجود المرفوع لا منصوب ولا مخفوض ، إذ الاسم المرفوع مظهرا أو مضمرا لا بدّ منه في كلّ كلام عربيّ ، سواء كانت الجملة اسميّة أو فعليّة ، فقد تبيّن أنّ لفظ الشرط في هذا الاصطلاح يدلّ عدمه على عدم المشروط ما لم يخلفه شرط آخر ، ولا يدلّ ثبوته من حيث هو شرط على ثبوت المشروط ، وأمّا الشرط في الاصطلاح الذي يتكلم به في باب أدوات الشرط اللفظية ، سواء كان المتكلم نحويا أو فقهيا وما يتبعه من متكلّم وأصولي ونحو ذلك ، فإنّ وجود الشرط يقتضي وجود المشروط الذي هو الجزاء والجواب ، وعدم الشرط هل يدل على عدم المشروط؟ مبنيّ على أنّ عدم العلة هل يقتضي عدم المعلول؟ فيه خلاف وتفصيل ، قد أومى إليه الخوف لو فرض عدمه لكان مع هذا العدم لا يعصي الله لأنّ ترك المعصية له قد يكون لخوف الله ، وقد يكون لأمر آخر ، إمّا لنزاهة الطبع أو إجلال الله أو الحياء منه ، أو لعدم المقتضي إليها كما كان يقال عن سليمان التيمي رحمه الله : إنه كان لا يحسن أن يعصي الله ، فقد أخبرنا عنه أنّ عدم خوفه لو فرض موجودا لكان مستلزما لعدم معصية الله لأنّ هذا العدم مضاف إلى أمور أخرى إمّا عدم مقتض أو وجود مانع مع أنّ هذا الخوف حاصل ، وهذا المعنى يفهمه من الكلام كلّ أحد صحيح الفطرة ، لكن لمّا وقع في بعض القواعد اللفظية والعقلية نوع توسّع إمّا في التعبير وإمّا في الفهم اقتضى ذلك خللا إذا بني على تلك القواعد المحتاجة إلى تتميم ، فإذا كان للإنسان فهم صحيح ردّ الأشياء إلى أصولها وقرّر الفطر على معقولها ، وبيّن حكم تلك القواعد وما وقع فيها من تجوّز أو توسّع ، فإنّ الإحاطة في الحدود والضوابط غير تحرير ، ومنشأ الإشكال أخذ كلام بعض النحاة مسلّما : إنّ المنفي بعد لو مثبت والمثبت بعدها منفي ، أو إنّ جواب (لو) منتف أبدا وجواب (لو لا) ثابت أبدا ، أو إنّ (لو) حرف يمتنع به الشيء لامتناع غيره ، و (لو لا) حرف يدلّ على امتناع الشيء لوجود غيره مطلقا ، فإنّ هذه العبارات إذا قرن بها غالبا كان الأمر قريبا ، وأمّا أن يدّعى أنّ هذا مقتضى الحرف دائما فليس كذلك ، بل الأمر كما