قاله الفقهاء ، لأنّ الجمادات كالخمر لا توصف بحرام ولا بحلال ، وإنّما يوصف بهما فعل المكلّف ، فإذا قالوا : الخمر حرام ، إنّما يريدون استعمالها ، وحذفوه اختصارا للعلم به. آخر الكتاب.
مهمة من أبحاث شيخنا العلّامة الكافيجي ـ نفعنا الله به ـ
قال : في قول النّحاة «كان زيد قائما» أبحاث :
الأوّل : أنّهم يقولون : إنّه موضوع لتقرير الفاعل على صفة ، فكيف يتصوّر له الوضع مع أنّه لا يدلّ إلّا على الكون المخصوص نسبة وزمانا. فيكون مجازا إن وجد العلاقة والقرينة مع أنّهم لا يقولون عن آخرهم بذلك.
والجواب : أنّ اللام في قولهم : لتقرير الفاعل ، لام الغرض والتعليل لا لام التّعدية فلا يكون التقرير موضوعا له.
الثاني : أن الغرض منه بيان اتّصاف الشيء بصفة ، فأين سبب التّقرير؟ فكيف يفيد التّقرير؟.
والجواب : أنّهم إذا قصدوا تمكّن الشيء في صفة وثباته فيها وضعوا له صيغا مخصوصة مثل قولهم : تمكّن زيد في القيام ، أو : استقرّ فيه ، إلى غير ذلك ، أو يأتون بألفاظ تدلّ على ذلك بمعونة المقام ، وبالذوق السليم والطبع المستقيم ، مثل قولهم : «زيد على القيام» ، قال الله تعالى : (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ) [البقرة : ٥]. فلمّا دلّ (كان) على كون زيد قائما ، يفهم منه أنّ الغرض منه بيان ثبات زيد في صفة القيام فكيف لا ولأيّ شيء أبلغ في ذلك من طريق الائتلاف والاتّحاد ، ونظيره أنّ الاتحاد أقوى دلالة على الاختصاص من دلالة طرق الاختصاص عليه. وإذا تحقّق هذا الطريق بجزم بأنّه يفيد غرض التقرير.
الثالث : لا شكّ أنّ الصفة يتصوّر حصولها وتقرّرها في الموصوف كما هو المعقول والمنقول فلا يتصوّر حصول الموصوف في الصّفة فضلا عن التقرير فيها وإلّا فيلزم الدّور فإنّ حصول الصفة بدون تحقّق الموصوف لا يتصوّر ضرورة.
الجواب : إنّ الغرض منه هو الدّلالة على اعتبار التّمكّن لا على حصوله فيها في نفس الأمر كما مرّت الإشارة إليه.
الرابع : أنّه إذا قيل : «زيد قائم مستمرّ» يفهم منه ذلك الغرض فما الحاجة إلى مجيء (كان)؟