وهذا القول باطل بأمور :
أحدها : أنّ الفاء لا تحذف إلّا في الشعر.
الثاني : أنّ القاعدة في اجتماع ذوي جواب أن يجعل الجواب السّابق منهما.
والثالث : أنّه لا يتأتّى له في نحو قوله (١) : [البسيط]
إن تستغيثوا بنا إن تذعروا .. |
|
... |
البيت ، لأنّ الذّعر مقدّم على الاستغاثة.
فهذا ما بلغنا من الأقوال في هذه المسألة وما حضرنا فيها من المباحث. وتحرّر لنا أنّه إذا قيل : «إن تذعروا إن تستغيثوا بنا تجدوا» أو «إن تتوضّأ إن صلّيت أثبت» كان كلاما باطلا لما قرّرناه من أنّ الصحيح أنّ الجواب للشرط الأوّل ، وأنّ جواب الثاني محذوف مدلول عليه بالشرط الأل وجوابه ، فيجب أن يكون الشرط الأوّل وجوابه مسبّبين عن الشّرط الثاني ، والأمر فيما ذكرت بالعكس. والصواب أن يقال : «إن صلّيت إن توضّأت أثبت» بتقدير : إن توضّأت فإن صلّيت أثبت. وكنّا قدّمنا أنّه يعترض أكثر من شرطين ، وتمثيل ذلك : «إن أعطيتك إن وعدتك إن سألتني فعبدي حرّ» (٢) ، فإن وقع السؤال أولا ، ثمّ الوعد ، ثمّ الإعطاء ، وقعت الحرّية. وإن وقعت على غير هذا الترتيب فلا حريّة على القول الأوّل ، وهو الصحيح. ويأتي فيه ذلك الخلاف في التّوجيه ، فالجمهور يقولون : (فعبدي حرّ) جواب (إن أعطيتك) ، و (إن أعطيتك فعبدي حرّ) دالّ على جواب (إن وعدتك). وهذا كلّه دال على جواب (إن سألتني) ، وكأنّه قيل : إن سألتني فإن وعدتك فإن أعطيتك فعبدي حرّ.
وعند ابن مالك : أنّ المعنى : إن أعطيتك واعدا لك سائلا إيّاي فعبدي حرّ. ف (واعدا) حال من فاعل (أعطيتك) و (سائلا) حال من مفعوله. وقوله (فعبدي حرّ) جواب للشّرط الأوّل. هذا مقتضى قوله في الشرطين وهو ضعيف ـ والله أعلم
الكلام على إعراب قوله تعالى : (خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ)
فإنه من المهمات
قال (٣) ابن هشام في (المغني) في باب التحذير من أمور اشتهرت بين المعربين والصّواب خلافها : «السابع عشر : قولهم في نحو : (خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ)
__________________
(١) مرّ الشاهد رقم (٦٢٥).
(٢) انظر همع الهوامع (٢ / ٦٣).
(٣) انظر المغني (ص ٧٣٦).