وقال ابن إياز : يجوز الجرّ من وجهين :
أحدهما : إجراء (كذا) مجرى الخبريّة.
والثاني : أنّ الكلمتين ركّبتا وصارتا كلمة واحدة ، يعني : فالمضاف المجموع لا اسم الإشارة فقط. والمحذور إنّما يلزم على القول بأنّ المضاف اسم الإشارة.
والثالث : أنّه جائز الخفض والرّفع. وها خطأ أيضا لأنّه غير مسموع ، ولا يقتضيه القياس ، فإنّ «كذا وكذا درهما» من باب «خمسة عشر درهما» لا من باب «رطل زيتا» فافهمه.
الفصل الثالث
في إعرابها
والذي يظهر لي أنّه مبنيّ على الخلاف في حقيقتها ، فإذا قيل : «له عندي كذا وكذا درهما» فإن قيل بالتّركيب فمجموع (كذا) مبتدأ خبره الجارّ والمجرور ، والظّرف متعلّق به ، والظّرف يعمل في الظّرف إذا كان متعلّقا بمحذوف ، لوقوعه موقع ما يعمل نحو : «أكلّ يوم لك ثوب». وإن قيل لا تركيب ، فإن قيل : الكاف اسم فهي المبتدأ ، وإن قيل حرف فالجارّ والمجرور صفة موصوف محذوف أي : له عندي عدد كذا وكذا درهما.
وقال ركن الدّين الإستراباذي في شرح كافية ابن الحاجب : «الغالب في تمييز كذا أن يكون منصوبا ، لأنّها بمنزلة (ملؤه) في قولك : «لي ملؤه عسلا». ويجوز كونه مجرورا بإضافة (كذا) إليه على تنزيلها منزلة ثلاثة ، ومائة ، وأن يكون مرفوعا فإذا قيل : «له عندي كذا درهم» ف (له) خبر مقدّم ، و (درهم) مبتدأ مؤخّر ، وكذا حال (هكذا). قالوا : وفيه نظر والأولى عندي أن يكون كذا مبتدأ ، و (درهم) بدلا أو عطف بيان ، و (له) خبر ، و (عندي) ظرف له» انتهى. وقد مضى أنّ الصحيح امتناع الرفع والجرّ.
الفصل الرابع
في بيان معناها عند النحويين
وفي ذلك أقوال :
أحدها : لابن مالك ، وهو أنّها للتكثير بمنزلة (كم) الخبريّة وتابعه على ذلك ابنه في شرحه لخلاصته ومقتضى قولهما هذا أنّها لا يكنى بها عمّا نقص عن الأحد عشر لأنّه عدد قليل.