والقسم الرابع : هو المنادى المشبّه بالمضاف ، وهو الذي لا يستقل بنفسه ويفتقر إلى ما يتمّه ، كقولك يا خيرا من زيد ويا ضاربا رجلا ، وكرجل سمّيته ثلاثة وثلاثين ، فإنّك تقول : يا ثلاثة وثلاثين فإن قلت : كيف يكون قولنا : يا خيرا من زيد ويا ضاربا رجلا معرفة وقد خرج بلفظ النكرة؟ قلت : فإن تعرفه يكون على وجهين :
أحدهما : أن تسمي بذلك رجلا فيصير قولك : يا خيرا من زيد ويا ضاربا رجلا بمنزلة قولك : يا زيد ويا عمرو ونحوهما من الأسماء المختصة.
والوجه الثاني : أن تقبل بندائك على رجل معيّن تختصّه من جميع من بحضرتك ، فيصير قولك : يا خيرا من زيد ويا ضاربا رجلا بمنزلة قولك : يا رجل لمن تقبل عليه.
فهذا ما عندي في جواب ما سألت عنه ، وبالله التوفيق.
سؤال العضد وجواب الجاربردي وردّ العضد على الجاربردي
وانتصار ولد الجاربردي
لأبيه على العضد (١)
كتب العضد مستفتيا علماء عصره : يا أدلّاء الهدى ومصابيح الدّجى حيّاكم الله وبيّاكم ، وألهمنا الحقّ بتحقيقه وإيّاكم ، ها أنا من نوركم مقتبس وبضوء ناركم للهدى ملتمس ، ممتحن بالقصور لا ممتحن ذو غرور ، ينشد بأطلق لسان وأرقّ جنان : [المتقارب]
٥٨٢ ـ ألا قل لسكّان وادي الحمى |
|
هنيئا لكم في الجنان الخلود |
أفيضوا علينا من الماء فيضا |
|
فنحن عطاش وأنتم ورود |
قد استبهم قول صاحب (الكشاف) (٢) أفيضت عليه سجال الألطاف : (مِنْ مِثْلِهِ)(٣) [البقرة : ٢٣] متعلّق بسورة صفة لها ، أي : بسورة كائنة من مثله ، والضمير لما نزّلنا أو لعبدنا ، ويجوز أن يتعلّق بقوله : فأتوا ، والضمير للعبد» حيث جوّز في الوجه الأول كون الضمير لما نزّلنا تصريحا وخطره في الوجه الثاني تلويحا ، فليت شعري ما الفرق بين فأتوا بسورة كائنة من مثل ما نزّلنا ، وفأتوا من مثل ما نزّلنا بسورة ،
__________________
(١) انظر طبقات الشافعية الكبرى (١٠ / ٤٧).
(٢) انظر الكشاف (١ / ٢٤١).
(٣) الآية (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ.)