قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الأشباه والنظائر في النحو [ ج ٤ ]

الأشباه والنظائر في النحو

الأشباه والنظائر في النحو [ ج ٤ ]

تحمیل

الأشباه والنظائر في النحو [ ج ٤ ]

180/334
*

الفاء ، ألا ترى أنّ الفاء في قولك : «إن يقم زيد فعمرو يكرمه» قد فصل بينها وبين الشّرط (زيد) وكذلك إذا قال : «إن تقم فعمرو يكرمك» فقد فصل بين الشّرط والفاء الضمير المستكنّ فيه ، فلمّا تنزّلت (أمّا) منزلة الفعل الذي هو الشّرط لم يجز أن تلاصقه الفاء.

فإن قال قائل : هل يجوز أن تكون هذه الفاء زائدة فلذلك جاز حذفها في الشّعر؟ قيل : لا يخلو أن تكون عاطفة ، أو زائدة ، أو جزاء ، فلا يجوز أن تكون عاطفة لدخولها على خبر المبتدأ ، وخبر المبتدأ لا يعطف على المبتدأ. ولا يجوز أن تكون زائدة لأنّ الكلام لا يستغني عنها في حال السّعة ، فلم يبق إلّا أن تكون جزاء. وهي حرف وضع لتفصيل الجمل ، وقطع ما قبله عمّا بعده عن العمل. وأنيب عن جملة الشّرط وحرفه ، فإذا قلت : «أمّا زيد فعاقل» فالمعنى والتقدير عند النحويّين : مهما يكن من شيء فزيد عاقل ، فاستحقّ بذلك جوابا ، وجوابه جملة تلزمها الفاء إمّا أن تكون مبتدئيّة أو فعليّة ، والفعليّة إمّا أن تكون خبريّة أو أمريّة أو نهييّة. ولا بدّ أن يفصل بين (أمّا) وبين الفاء فاصل مبتدأ أو مفعول أو جارّ ومجرور ، فالمبتدأ كقولك : «أمّا زيد فكريم وأمّا بكر فلئيم» ، والمفعول كقولك : «أمّا زيدا فأكرمت» و «أمّا عمرا فأهنت» والجارّ والمجرور كقولك : «أمّا في زيد فرغبت» ، و «أمّا على بكر فنزلت» ومثال وقوع الجملة الأمريّة قولك : «أمّا محمدا فأكرم وأمّا عمرا فأهن» كأنّك قلت : مهما يكن من شيء فأكرم محمّدا ، ومهما يكن من شيء فأهن عمرا. ومثال النّهي قولك : «أمّا زيدا فلا تكرم» و «أمّا عمرا فلا تهن» ، ومثله في التنزيل : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ) [الضحى : ٩ ـ ١٠]. ومثال فصلك بالجارّ والمجرور في قولك : «أمّا بزيد فامرر» قوله تعالى : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) [الضحى : ١١]. وإنّما لم يجز أن تلاصق (أمّا) الفعل لأنّ (أمّا) لمّا تنزّلت منزلة الفعل الشّرطيّ ـ والفعل لا يلاصق الفعل ـ امتنعت من ملاصقة الأفعال.

فإن قيل : فقد تقول : «زيد كان يزورك» و «عمرو ليس يلمّ بك» فتلاصق (كان) و (ليس) الفعل.

فالجواب : أنّ الضّمير في (كان) و (ليس) فاصل في التقدير بينهما وبين ما يليهما وهذا الفاصل يبرز إذا قلت : «الزيدان كانا يزورانك» و «العمران ليسا يلمّان بك» وكذلك حكم الجمع إذا قلت : كانوا ، وليسوا ، وحكم الفاء حكم الفعل في امتناعها من ملاصقة أمّا لأنّ الفاء إذا اتصلت بالجزاء صارت كحرف من حروفه فكما