إذا ما استوى الحالان في الحكم رجّح الض |
|
ضمير ، وأمّا حين يختلفان |
فإن كان في التّصريح إظهار حكمة ، |
|
كرفعة شأن أو حقارة جاني |
كمثل : «أمير المؤمنين يقول ذا» ، |
|
وما نحن فيه ، صرّحوا بأمان |
وهذا على الإيجاز ، واللّفظ جاء في |
|
جوابي منثورا بحسن بيان |
فلا تمتحن بالنّظم من بعد عالما |
|
فليس لكلّ بالقريض يدان |
وقد قيل إنّ الشّعر يزري بهم فلا |
|
يكاد يرى من سابق برهان |
ولا تنسني عند الدّعاء فإنّني |
|
سأبدي مزاياكم بكلّ مكان |
وأستغفر الله العظيم لما طغى |
|
به قلمي ، أو طال فيه لساني |
والجواب المبسوط بالنثر هو أنّه لما كانت الألفاظ تابعة للمعاني لم يتحتّم الإضمار ، بل قد يكون التصريح أولى ، بل ربّما يكاد يصل إلى حدّ الوجوب ، كما سنبيّن إن شاء الله تعالى. ويدلّ على الأولوية قول أرباب علم البيان ما هذا ملخّصه :
لمّا كان للتصريح عمل ليس للكناية ، كان لإعادة اللفظ من الحسن والبهجة والفخامة ما ليس لرجوع الضّمير. انتهى كلامهم. فقد يعدل إلى التّصريح إمّا للتعظيم وإمّا للتحقير والنداء ، وإما للتّشنيع في النداء بقبح الفعل ، وإما لغير ذلك ، فمن التعظيم قوله تعالى : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ. اللهُ الصَّمَدُ) [الإخلاص : ١ ـ ٢] دون (هو) ، وقوله تعالى : (وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ) [الإسراء : ١٠٥] ، ولم يقل وبه ، وقوله : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ) [البقرة : ١٩٧] ، فقد كرّر لفظ الحجّ مرّتين دون أن يقال : فمن فرضه فيهن ولا جدال فيه ، إعلاما بعظمة هذه العبادة من حيث إنّها فريضة العمر ، وفيها شبه عظيم بحال الموت والبعث فناسب حال تعظيمه في القلوب التّصريح بالاسم ثلاث مرّات. ومنه قوله الخليفة : «أمير المؤمنين يرسم بكذا» ، دون (أنا) ، إما لتعظيم ذلك الأمر أو لتقوية داعية المأمور أو نحوهما ، وقول الشاعر : [الرجز]
٦٢٩ ـ نفس عصام سوّدت عصاما
وقول البحتري : [الخفيف]
٦٣٠ ـ قد طلبنا فلم نجد لك في السّؤ |
|
دد والمجد والمكارم مثلا |
__________________
٦٢٩ ـ الرجز للنابغة الذبياني في ديوانه (ص ١١٨) ، وبلا نسبة في لسان العرب (عصم) ، ومقاييس اللغة (٢ / ١٧٥) ، وتاج العروس (عصم).
٦٣٠ ـ الشاهد للبحتري في ديوانه (ص ١٦٥٧) ، ومعاهد التنصيص (١ / ٨٨١) ، ودلائل الإعجاز (ص ١٢٩).