فان (١) وجود الطبيعي وإن كان بوجود فرده ، إلّا أن وجوده في ضمن
______________________________________________________
الموجود الّذي تيقنا به سابقا ، لمباينة كل حصة من الطبيعة في ضمن فرد مع حصة أخرى منها متحققة في ضمن فرد آخر منها ، ومن المعلوم عدم كون مجموع وجودات الأفراد وجودا شخصيا بالنسبة إلى الكلي ، ضرورة أنه يوجد في كل فرد بوجود على حدة غير ما هو موجود بالفرد الآخر كما تقرر من أن نسبة الكلي الطبيعي إلى كل فرد نسبة أب إلى ابنه لا نسبة أب واحد إلى أبناء متعددة.
وعليه فالحق منع تفصيل شيخنا الأعظم (قده) وصحة القول بعدم جريان الاستصحاب في القسم الثالث بجميع أنحائه إلّا فيما إذا كان المشكوك فيه على تقدير بقائه من مراتب المتيقن السابق كالسواد الضعيف الّذي هو من مراتب السواد.
(١) هذا إشارة إلى وجه ما اختاره من عدم الجريان ، ومحصله ما تقدم آنفا من : أنه يعتبر في جريان الاستصحاب أن يكون الشك في بقاء ما علم حدوثه بأن يكون وجوده البقائي عين وجوده الحدوثي من دون تفاوت بينهما إلّا في الزمان ، ومن المعلوم أن الكلي لا وجود له إلّا بوجود فرده ، فإذا علم بوجوده في ضمن فرد وقطع بارتفاع ذلك الفرد فقد علم لا محالة بارتفاع الكلي أيضا.
واحتمال وجوده في ضمن فرد آخر ليس بقاء لذلك الوجود ، إذ المفروض العلم بارتفاعه بسبب ارتفاع الفرد الّذي تحقق الكلي في ضمنه ، بل الفرد الآخر على تقدير وجوده وجود آخر للكلي مغاير لوجوده في ضمن الفرد المعلوم الارتفاع ، وليس وجودا بقائيا له ، لاختلاف أنحاء وجودات الطبيعة وتباينها بتعدد أفرادها ، ومع عدم كون هذا الاحتمال شكا في بقاء الكلي المعلوم الارتفاع كيف يجري فيه الاستصحاب؟ وضمائر «فرده ، وجوده ، أفراده ، له» راجعة إلى الطبيعي ، وضمير «تعددها» راجع إلى «أفراده» وقوله : «ليس» خبر «فان» وهذا منشأ عدم صدق الشك في بقاء الكلي. وقوله : «فلو قطع» متفرع على اختلاف أنحاء وجود الطبيعي باختلاف أفراده وتعددها ، وهذا الاختلاف يوجب