.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
ثالثها : أن يراد بالمقتضي ملاكات الأحكام الشرعية ، وبالمانع ما يمنع عن تأثيرها في تشريع الأحكام ، كما إذا فرض ملاكية العلم لتشريع وجوب الإكرام ومانعية الفسق عن تشريعه ، واعتبار القاعدة حينئذ يقتضي البناء على وجوب إكرام العالم عند الشك في فسقه ، هذا.
ثم ان نقض اليقين بالشك في هذه القاعدة يتصور على وجهين : أحدهما : أن المقتضي لاقتضائه لشيء نُزِّل منزلة الأمر المبرم ، فأخذ مقتضاه منه ، وعدم ترتيبه عليه نقض له ، وتصح نسبة النقض في هذا الوجه إلى كل من اليقين والمتيقن.
ثانيهما : أن العلم بالمقتضي وان كان علماً به فقط ، لكنه حيث كان محكوماً عند العقلاء بترتيب مقتضاه عليه عند الشك في مانعة فلا جرم يكون المكلف على يقين وبصيرة من أمره ، فمن هذه الجهة يكون علمه بالمقتضي يقيناً مبرماً يصح اسناد النقض إليه ، وجعل عدم ترتيب مقتضاه عليه نقضاً وحلًّا له ، ومثل هذا اليقين يجتمع مع الشك كما هو مقتضى نقض شيء بشيء ، حيث انه يجب اجتماع الناقض والمنقوض ليكون حلا لإبرامه. وهذا الوجه محكي عن بعض المدققين (١).
وأما المقام الثاني فنخبة الكلام فيه : أنه لا يظن من أحد القول بحجية قاعدة المقتضي والمانع فيما إذا أريد بالمقتضي ملاكات الأحكام الشرعية ، إذ لا سبيل إلى إحرازها إلّا بيان المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين ، وعلى فرض إحرازها في بعض الموارد فالعلم بشرائطها مفقود ، إذ مجرد العلم بملاك حكم مع عدم إحراز الشرائط ليس مورداً لقاعدة المقتضي والمانع. ولو أريد بالمقتضي إطلاق دليل الحكم أو عمومه في مقام الإثبات لم يكن ذلك من المقتضي بمعناه المصطلح وهو الملاك الداعي إلى التشريع ، فيدور الأمر بين إرادة المقتضي التكويني كالنار المقتضية للإحراق ، وبين موضوع الحكم الشرعي ، الظاهر أنه لا سبيل للالتزام بالمصير إلى المعنى الأول ، لعدم دليل على اعتباره لا نقلاً ولا عقلاً.
__________________
(١) هو الشيخ الطهراني في كتابه محجة العلماء ، ص ٢٢٩