وسوّيت ثيابك. فقال : ألا أستحيي من رجل تستحي منه الملائكة (١).
وأخرج البخاري (٢) في مناقب عثمان حديثاً ، وقال في ذيله : زاد عاصم : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان قاعداً في مكان فيه ماء ، قد كشف (٣) عن ركبتيه أو ركبته ـ فلمّا دخل عثمان غطّاها. قال ابن حجر في فتح الباري (٤) (٧ / ٤٣) : قال ابن التين : أنكر الداودي هذه الرواية وقال : هذه الرواية ليست من هذا الحديث بل دخل لرواتها حديث في حديث ، وإنّما ذلك الحديث : إنّ أبا بكر أتى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو في بيته قد انكشف فخذه فجلس أبو بكر ثمّ دخل عمر ثمّ دخل عثمان فغطّاها. الحديث.
قال الأميني : الحياء هو انقباض النفس عمّا لا يلائم خطّة الشرف من الناحية الدينيّة أو الإنسانيّة ، وأصله فطريّ للإنسان ، وكماله اكتسابيّ يتأتّى بالإيمان ، فهو يتدرّج في الرقيّ بتدرّج الإيمان والمعرفة ، فتنتهي إلى ملكة راسخة تأبى لصاحبهما التورّط في المخازي كلّها ، فيكون بها الإنسان محدوداً في أفعاله وتروكه وشهواته وميوله ، وتنبسط تلكم الحدود على الأعضاء والجوارح وعلى النفس والعقل فلا يسع أيّا منها الخروج عن حدّه ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الاستحياء من الله حقّ الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى ، والبطن وما حوى ، وتذكر الموت والبلى» (٥). فكلّ عمل خارج عن حدود الدين والإنسانيّة منافٍ للحياء ، وهو الرادع الوحيد عن الفحشاء
__________________
(١) مسند أحمد : ٦ / ٦٢ [٧ / ٩٢ ح ٢٣٨٠٩] ، صحيح مسلم : ٧ / ١١٦ [٥ / ١٨ ح ٢٦ كتاب فضائل الصحابة] ، مصابيح السنّة : ٢ / ٢٧٣ [٤ / ١٦٤ ح ٤٧٤٨] ، الرياض النضرة : ٢ / ٨٨ [٣ / ١٢] ، تاريخ ابن كثير : ٧ / ٢٠٢ [٧ / ٢٢٧ حوادث سنة ٣٥ ه]. (المؤلف)
(٢) صحيح البخاري : ٣ / ١٣٥١ ح ٣٤٩٢.
(٣) في المصدر : قد انكشف.
(٤) فتح الباري : ٧ / ٥٥.
(٥) أخرجه الترمذي في الجامع الصحيح [٤ / ٥٥٠ ح ٢٤٥٨] والمنذري في الترغيب والترهيب : ٣ / ١٦٦ [٣ / ٤٠٠ ح ١٣]. (المؤلف)