امرأته فصرخت وقالت : قد قتل أمير المؤمنين.
فدخل الحسن والحسين ومن كان معهما من بني أُميّة ، فوجدوه وقد فاضت نفسه رضى الله عنه فبكوا. فبلغ ذلك عليّا وطلحة والزبير وسعداً وغيرهم من المهاجرين والأنصار ، فاسترجع القوم ، ودخل عليّ الدار وهو كالواله الحزين ، فقال لابنيه : كيف قتل أمير المؤمنين وأنتما على الباب ، ولطم الحسن وضرب الحسين وشتم محمد بن طلحة ولعن عبد الله بن الزبير ، فقال له طلحة : لا تضرب يا أبا الحسن ولا تشتم ولا تلعن ، ولو دفع مروان [إليهم] (١) ما قتل ، وهرب مروان وغيره من بني أُميّة ، وطلبوا ليقتلوا فلم يوجدوا. وقال عليّ لزوجته نائلة بنت الفرافصة : من قتله وأنت كنت معه؟ فقالت : دخل إليه رجلان ، وقصّت خبر محمد بن أبي بكر ، فلم ينكر ما قالت ، وقال : والله لقد دخلت [عليه] (٢) وأنا أُريد قتله ، فلمّا خاطبني بما قال خرجت ، ولا أعلم بتخلّف الرجلين عنّي ، والله ما كان لي في قتله [من] (٣) سبب ، ولقد قُتل وأنا لا أعلم بقتله.
وروى ابن الجوزي في التبصرة (٤) من طريق ابن عمر ، قال : جاء عليّ إلى عثمان يوم الدار وقد أغلق الباب ومعه الحسن بن عليّ وعليه سلاحه فقال للحسن : ادخل إلى أمير المؤمنين فأقرأهُ السلام وقل له : إنّما جئت لنصرتك فمرني بأمرك ، فدخل الحسن ثمّ خرج فقال لأبيه : إنّ أمير المؤمنين يقرئك السلام ويقول لك : لا حاجة لي بقتال وإهراق الدماء ، قال : فنزع عليّ عمامة سوداء ورمى بها بين يدي الباب وجعل ينادي : (ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ) (٥).
وعن شداد بن أوس ـ نزيل الشام والمتوفّى بها في عهد معاوية ـ أنّه قال : لمّا اشتدّ الحصار بعثمان رضى الله عنه يوم الدار رأيت عليّا خارجاً من منزله معتّماً بعمامة رسول الله
__________________
(١) الزيادة من المصدر.
(٢) الزيادة من المصدر.
(٣) الزيادة من المصدر.
(٤) راجع تلخيصه قرة العيون المبصرة : ١ / ١٨٠. (المؤلف)
(٥) يوسف : ٥٢.