جرّوا برجله ، فصاحت نائلة وبناته ، وجاء التجيبي مخترطاً سيفه ليضعه في بطنه ، فوقته نائله ، فقطع يدها ، واتّكأ بالسيف عليه في صدره ، وقتل عثمان رضى الله عنه قبل غروب الشمس ، ونادى منادٍ : ما يحلّ دمُه ويحرج ماله ، فانتهبوا كلّ شيء ، ثمّ تبادروا بيت المال ، فألقى الرجلان المفاتيح ونجوا ، وقالوا : الهرب الهرب ، هذا ما طلب القوم.
١٠ ـ وأخرج (١) (ص ١٣٥) بالإسناد الشعيبي :
لمّا حدثت الأحداث بالمدينة خرج منها رجال إلى الأمصار مجاهدين ، وليدنوا من العرب ، فمنهم من أتى البصرة ، ومنهم من أتى الكوفة ، ومنهم من أتى الشام. فهجموا جميعاً من أبناء المهاجرين بالأمصار على مثل ما حدث في أبناء المدينة ، إلاّ ما كان من أبناء الشام ، فرجعوا جميعاً إلى المدينة إلاّ من كان بالشام ، فأخبروا عثمان بخبرهم ، فقام عثمان في الناس خطيباً ، فقال :
يا أهل المدينة أنتم أصل الإسلام ، وإنّما يفسد الناس بفسادكم ، ويصلحون بصلاحكم ، والله والله والله لا يبلغني عن أحد منكم حدثٌ أحدثه إلاّ سيّرته ، ألا فلا أعرفنّ أحداً عرض دون أُولئك بكلام ولا طلب ، فإنّ من كان قبلكم كانت تُقطع أعضاؤهم دون أن يتكلّم أحد منهم بما عليه ولا له. وجعل عثمان لا يأخذ أحداً منهم على شرّ أو شَهْرِ سلاح عصاً فما فوقها إلاّ سيّره. فضجّ آباؤهم من ذلك حتى بلغه أنّهم يقولون : ما أحدث التسيير إلاّ أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سيّر الحكم بن أبي العاص ، فقال : إنّ الحكم كان مكيّا ، فسيّره رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم منها إلى الطائف ، ثمّ ردّه إلى بلده ، فرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سيّره بذنبه ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ردّه بعفوه ، وقد سيّره الخليفة من بعده ، وعمر رضى الله عنه من بعد الخليفة ، وايم الله لآخذنّ العفو من أخلاقكم ، ولأبذلنّه لكم من خلقي ، وقد دنت أُمور ، ولا أُحبّ أن تحلّ بنا وبكم وأنا على وجلٍ وحذر ، فاحذروا واعتبروا.
__________________
(١) تاريخ الأُمم والملوك : ٤ / ٣٩٨ حوادث سنة ٣٥ ه.