ابن أبي سفيان وهو بالشام :
بسم الله الرحمن الرحيم
أمّا بعد ، فإنّ أهل المدينة قد كفروا وأخلفوا الطاعة ونكثوا البيعة ، فابعث إليّ من قبلك من مقاتلة أهل الشام على كلّ صعب وذلول.
فلمّا جاء معاوية الكتاب تربّص به وكره إظهار مخالفة أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد علم اجتماعهم ، فلمّا أبطأ أمره على عثمان كتب إلى يزيد بن أسد بن كرز ، وإلى أهل الشام يستنفرهم ويعظّم حقّه عليهم ، ويذكر الخلفاء وما أمر الله عزّ وجلّ به من طاعتهم ومناصحتهم ، ووعدهم أن يجنّدهم (١) جنداً وبطانة دون الناس ، وذكّرهم بلاءه عندهم وصنيعه إليهم ، فإن كان عندكم غياث فالعجل العجل ؛ فإنّ القوم معاجلي.
فلمّا قرئ كتابه عليهم قام يزيد بن أسد بن كرز البجلي ثمّ القسري ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ ذكر عثمان فعظّم حقّه ، وحضّهم على نصره ، وأمرهم بالمسير إليه ، فتابعه ناس كثير ، وساروا معه حتى إذا كانوا بوادي القرى (٢) ، بلغهم قتل عثمان رضى الله عنه ، فرجعوا.
وأخرج البلاذري من طريق الشعبي قال : كتب عثمان إلى معاوية : أن أمددني ، فأمدّه بأربعة آلاف مع يزيد بن أسد بن كريز (٣) البجلي ، فتلقّاه الناس بمقتل عثمان فرجع من الطريق وقال : لو دخلت المدينة وعثمان حيّ ما تركت بها محتلماً إلاّ قتلته ، لأنّ الخاذل والقاتل سواء.
__________________
(١) في تاريخ الطبري : ينجدهم.
(٢) وادي القرى : وادٍ بين المدينة والشام من أعمال المدينة [معجم البلدان : ٥ / ٣٤٥]. (المؤلف)
(٣) في المصدر : كُرْز ، وهو كما مرَّ قبل قليل.