لاتّبعته وما عن الله مذهب إلاّ إليه ، فسرّ الناس بخطبته واجتمعوا إلى بابه مبتهجين بما كان منه. فخرج إليهم مروان فزبرهم وقال : شاهت وجوهكم ما اجتماعكم؟ أمير المؤمنين مشغول عنكم ، فإن احتاج إلى أحد منكم فسيدعوه ، فانصرفوا ، وبلغ عليّا الخبر فأتى عثمان وهو مُغضب فقال : «أما رضيت من مروان ولا رضي منك إلاّ بإفساد دينك ، وخديعتك عن عقلك؟ وإنّي لأراه سيوردك ثمّ لا يُصدرك ، وما أنا بعائدٍ بعد مقامي هذا لمعاتبتك».
وقالت له امرأته نائلة بنت الفرافصة : قد سمعت قول عليّ بن أبي طالب في مروان وقد أخبرك أنّه غير عائد إليك ، وقد أطعت مروان ولا قدر له عند الناس ولا هيبة ، فبعث إلى عليّ فلم يأتِه.
وأخرج ابن سعد من طريق أبي عون قال : سمعت عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث ذكر مروان فقال : قبّحه الله خرج عثمان على الناس فأعطاهم الرضا وبكى على المنبر حتى استهلّت دموعه ، فلم يزل مروان يفتله في الذروة والغارب (١) حتى لفته عن رأيه.
قال : وجئت إلى عليّ فأجده بين القبر والمنبر ومعه عمّار بن ياسر ومحمد بن أبي بكر وهما يقولان : صنع مروان بالناس. قلت : نعم (٢).
صورة أخرى من توبة الخليفة :
أخرج الطبري من طريق عليّ بن عمر عن أبيه ، قال : إنّ عليّا جاء عثمان بعد
__________________
(١) لم يزل يفتل في الذروة والغارب. مثل في المخادعة ، أي يدور من وراء خديعته. (المؤلف)
(٢) وأخرج الطبري [في تاريخ الأُمم والملوك : ٤ / ٣٦٣ حوادث سنة ٣٥ ه] حديث أبي عون هذا وتبعه ابن الأثير [في الكامل في التاريخ : ٢ / ٢٨٥ حوادث سنة ٣٥ ه] وسيوافيك لفظه ، وأوعز إليه الدميري في حياة الحيوان : ١ / ٥٣ [١ / ٧٧]. (المؤلف)