أتأتيان عليّا وتطلبان إليه قتلة عثمان؟ وقد علمتما أنّ المهاجرين والأنصار لو حرّموا دم عثمان نصروه وبايعوا عليّا على قتلته ، فهل فعلوا؟ وأعجب من ذلك رغبتكما عمّا صنعوا وقولكما لعليّ : اجعلها شورى واخلعها من عنقك! وإنّكما لتعلمان أنّ من رضي بعليّ خير ممّن كرهه ، وأنّ من بايعه خير ممّن لم يبايعه ، ثمّ صرتما رسولي رجل من الطلقاء لا تحلّ له الخلافة. ففشا قوله وقولهما ، فهمّ معاوية بقتله ، ثمّ راقب فيه عشيرته.
وفي لفظ ابن مزاحم من كتاب صفّين (١) (ص ٢١٣): خرج أبو أمامة الباهلي وأبو الدرداء (٢) ، فدخلا على معاوية وكانا معه فقالا : يا معاوية علام تقاتل هذا الرجل؟ فو الله لهو أقدم منك سلماً ، وأحقّ بهذا الأمر منك ، وأقرب من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فعلام تقاتله؟ فقال : أُقاتله على دم عثمان ، وأنّه آوى قتلته ؛ فقولوا له : فليقدنا من قتلته ، فأنا أوّل من بايعه من أهل الشام. فانطلقوا إلى عليّ فأخبروه بقول معاوية ، فقال : «هم الذين ترون» ، فخرج عشرون ألفاً أو أكثر مسربلين في الحديد لا يُرى منهم إلاّ الحدق فقالوا : كلّنا قتله ، فإن شاءوا فليروموا ذلك منّا.
٤ ـ مرّ في صفحة (١٣٩) من حديث أبي الطفيل قول معاوية له : أكنت ممّن قتل عثمان أمير المؤمنين؟ قال : لا ، ولكن ممّن شهده فلم ينصره ، قال : ولم؟ قال : لم ينصره المهاجرون والأنصار. الحديث ، فراجع.
٥ ـ قال شعبة : ما رأيت رجلاً أوقع في رجال أهل المدينة من القاضي أبي إسحاق سعد ـ بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف المدني الزهري المتوفّى سنة (١٢٥) ـ ما كنت أرفع له رجلاً منهم إلاّ كذّبه ، فقلت له في ذلك ، فقال : إنّ أهل المدينة قتلوا عثمان.
__________________
(١) وقعة صفّين : ص ١٩٠.
(٢) أنظر هامش رقم (١) من الصحيفة السابقة.