ومن التقصيرِ صوني مهجتي |
|
فِعلَ من أضحى إلى الدنيا ركنْ |
لا دمي يُسفكُ في نُصرتِكمْ |
|
لا ولا عِرضيَ فيكم يُمْتَهنْ |
غير أنّي باذلٌ نفسي وإنْ |
|
حقنَ الله دمي فيما حقنْ |
ليت أنّي غَرضٌ من دونكمْ |
|
ذاك أو دِرعٌ يقيكمْ ومِجَنْ |
أتلقّى بجبيني من رمى |
|
وبنحري وبصدري من طَعَنْ |
إنّ مبتاع الرضا من ربّه |
|
فيكمُ بالنفس لا يخشى الغَبَنْ |
وليس يجوز الشكّ في تشيّع من يقول هذا القول ويشعر هذا الشعور ، فإنّه يعرّض نفسه للموت في غير طائل حبّا لبني عليّ ، وغضباً لهم ، وإشهاراً لهم لعاطفة لا تفيده ولا تفيدهم ، وقد كان لا يذكر يحيى بن عمر إلاّ بلقب الشهيد كما ذكره في القصيدة الجيميّة وفي خاطرة أخرى مفردة نظمها في هذين البيتين :
كسته القنا حلّةً من دمٍ |
|
فأضحتْ لدى الله من أُرجوانِ |
جزته معانقةُ الدارع |
|
ـ ين معانقةَ القاصراتِ الحسانِ |
وبعض هذا يكفي في الدلالة على تشيّعه للطالبيّين ، واتّخاذه التشيّع مذهباً في الخلافة كمذهب الشعراء أو غير الشعراء ، ولا سيّما التشيّع المعتدل الذي يقول أهله بجواز إمامة المفضول مع وجود الأفضل ، ويستنكرون لعن الصحابة الذين عارضوا عليّا في الخلافة ، ومعظم هؤلاء من الزيديّة الذين خرجوا في جند يحيى بن عمر لقتال بني العبّاس ، فهم لا يقولون في نصرة آل عليّ أشدّ ممّا قال ابن الرومي ، ولا يتمنّون لهم أكثر ممّا تمنّاه.
ويلوح لنا أنّ ابن الرومي ورث التشيّع وراثة من أمّه وأبيه ، لأنّ أمّه كانت فارسيّة الأصل فهي أقرب إلى مذهب قومها الفرس في نصرة العلويّين ، ولأنّ أباه سمّاه عليّا وهو من أسماء الشيعة المحبوبة التي يتجنّبها المتشدّدون من أنصار الخلفاء ، ولا حرج على أبي الشاعر أن يتشيّع وهو في خدمة بيت من بيوت العبّاسيّين ، لأنّ مواليه