أجِنّوا بني العبّاس من شنآنكم |
|
وأوكوا على ما في العيابِ وأشرجوا (١) |
وخلّوا ولاة السوء منكم وغيَّهم |
|
فأحرى بهم أن يغرقوا حيث لجّجوا |
نظارٍ لكم أن يُرجِعَ الحقَّ راجعٌ |
|
إلى أهله يوماً فتَشجُوا كما شَجوا |
على حين لا عُذرى لمعتذريكمُ |
|
ولا لكم من حُجّةِ اللهِ مخرجُ |
فلا تُلقحوا الآنَ الضغائنَ بينكم |
|
وبينهمُ إنّ اللواقحَ تنتجُ |
غُرِرتم لئن صَدّقتمُ أنّ حالةً |
|
تدوم لكم والدهرُ لونان أخرجُ (٢) |
لعلّ لهم في منطوى الغيبِ ثائراً |
|
سيسمو لكم والصبحُ في الليل مولَجُ |
فما ذا يقول الشيعيُّ لبني العبّاس أقسى وأصرح في التربّص بدولتهم وانتظار دولة العلويّين من هذا الكلام؟ فقد أنذر بني العبّاس بزوال الملك وكاد يتمنّى ـ أو تمنّى ـ لبني عليّ يوماً يهزمون فيه أعداءهم ، ويرجعون فيه حقّهم ، ويطلبون تراثهم ، وينكّلون بمن نكّل بهم ، وهواه ظاهرٌ من العلويّين لا مداجاة فيه كهوى كلّ شيعيّ في هذا المقام.
على أنَّه كان أظهر من هذا في النونيّة التي تمنّى فيها هلاك أعدائهم ، ولام نفسه على التقصير في بذل دمه لنصرتهم :
إن يوالي الدهرُ أعداءً لكمْ |
|
فلهم فيه كمينٌ قد كَمَنْ |
خلعوا فيه عِذارَ المعتدي |
|
وغدوا بين اعتراضٍ وأرَنْ (٣) |
فاصبروا يُهلِكْهُمُ الله لكمْ |
|
مثل ما أهلكَ أذواءَ اليمنْ |
قَرُبَ النصرُ فلا تستبطِئوا |
|
قَرُبَ النصرُ يقيناً غيرَ ظنْ |
__________________
(١) أوكى القربة : ربطها وشدّ رأسها. العياب : جمع عيبة ، وهي وعاء يكون فيه المتاع ، والعرب تكنّي عن الصدور والقلوب التي تحتوي على الضمائر المخفاة بالعياب ، وأشرج العيبة : عقد عراها وأدخل بعضها في بعض. والمقصود : اخفوا يا بني العبّاس ما في صدوركم من بغض لآل عليّ.
(٢) الأخرج : ذو اللونين ، ومؤنّثه خرجاء. يقال : جبل أخرج ونعجة خرجاء.
(٣) الأَرَن : النشاط وإظهار القوة.