منهم فلم يقل به أحدٌ ، وعَلَم الهدى المرتضى ، وشيخ الطائفة أبو جعفر ، ونجم الدين المحقِّق الحلّي أبرياء ممّا قذفهم به ، وهذه كتبهم بين أيدينا لا يوجد في أيٍّ منها هذا البهتان العظيم ، وأهل البيت أدرى بما فيه.
ويشهد لذلك ردُّ علماء الشيعة لفريق ممّا رُوي من أحاديثهم لطعنٍ في إسناد أو مناقشةٍ في المتن ، ويشهد لذلك تنويعهم الأخبار على أقسامٍ أربعة : الصحيح ، الحسن ، الموثّق ، الضعيف ، منذ عهد العلَمين جمال الدين السيِّد أحمد بن طاووس الحسني وتلميذه آية الله العلاّمة الحلّي.
وليت الرجل يقف على شروح هذه الكتب ، وفي مقدَّمها مرآة العقول شرح الكافي للعلاّمة المجلسي ، ويشاهده كيف يحكم في كلِّ سندٍ بما يؤدّي إليه اجتهاده من أقسام الحديث. أو كان يراجع الجزء الثالث من المستدرك للعَلم الحجّة النوريِّ ، حتى يرشده إلى الحقِّ ، ويعلّمه الصواب ، وينهاه عن التقوّل على أمّة كبيرة ـ الشيعة ـ بلا علمٍ وبصيرةٍ في أمرها.
ثمَّ زيّف الكتب الأربعة المذكورة بما فيها من الآحاد ، واشتمال بعض أسانيدها على رجال قذفهم بأشياء هم بُرآء منها ، وآخرين لا يقدح انحرافهم المذهبيّ في ثقتهم في الرواية ، وأحاديث هؤلاء من النوع الذي تسمِّيه الشيعة بالموثّق ، وهناك أناسٌ يُرمَون بالضعف لكن خصوص رواياتهم تلك مكتنفةٌ بأمارات الصحّة ، وعلى هذا عمل المحدِّثون من أهل السنّة والشيعة في مدوّناتهم الحديثيّة ، فالرجل جاهلٌ بدراية الحديث وفنونه ، أو راقه أن يتجاهل حتى يتحامل بالوقيعة ، ولو راجع مقدِّمة فتح الباري في شرح صحيح البخاري لابن حجر ، وشرحه للقسطلاني ، وشرحه للعيني ، وشرح مسلم للنووي وأمثالها ، لوجد فيها ما يشفي غلّته ، وكفَّ عن نشر الأباطيل مَدّته (١).
__________________
(١) المَدّة : غمس القلم في الدواة مرّة للكتابة. (المؤلف)