الجواب : هذه سلسلة أوهام حسبها الآلوسي حقائق ، أو أنَّه أراد تشويه سمعة الشيعة ولو بأشياء مفتعلة ، فذكر أحكاماً بعضها باطل بانتفاء موضوعه ، وجملة منها لأنَّها أكاذيب.
أمّا زيد بن عليّ الشهيد فقد مرَّ الكلام فيه وفي مقامه وقداسته عند الشيعة جمعاء. راجع (ص ٦٩ ـ ٧٦).
وأمّا يحيى بن زيد الشهيد ابن الشهيد ، فحاشا أن يبغضه شيعيٌّ وهو ذلك الإماميّ البطل المجاهد ، يروي عن أبيه الطاهر : أنَّ الأئمّة اثنا عشر ، وسمّاهم بأسمائهم وقال : إنَّه عهد معهود عهده إلينا رسول الله (١). ورثاه شاعر الإماميّة دعبل الخزاعي في تائيّته السائرة ، وقرأها للإمام عليِّ بن موسى الرضا عليهالسلام.
ولم توجد للشيعة حوله كلمة غمز فضلاً عن بغضه ، وغاية نظر الشيعة فيه كما في كتاب زيد الشهيد (ص ١٧٥) : أنَّه كان معترفاً بإمامة الإمام الصادق ، حسن العقيدة ، متبصِّراً بالأمر ، وقد بكى عليه الصادق عليهالسلام واشتدَّ وجده له ، وترحّم له. فسلام الله عليه وعلى روحه الطاهرة.
وفي وسع الباحث أن يستنتج ولاء الشيعة ليحيى بن زيد ، ممّا أخرجه أبو الفرج في مقاتل الطالبيّين (٢) (ص ٦٢) طبع إيران ، قال : لَمّا أُطلق يحيى بن زيد وفُكَّ حديده ، صار جماعة من مياسير الشيعة إلى الحدّاد الذي فكَّ قيده من رجله ، فسألوه أن يبيعهم إيّاه ، وتنافسوا فيه وتزايدوا حتى بلغ عشرين ألف درهم ، فخاف أن يشيع خبره فيُؤخذ منه المال ، فقال لهم : اجمعوا ثمنه بينكم. فرضوا بذلك وأعطوه المال ، فقطّعه قطعةً قطعةً وقسّمه بينهم ، فاتّخذوا منه فصوصاً للخواتيم يتبرّكون بها.
وقد أقرّت الشيعة هذا في أجيالها المتأخِّرة وحتى اليوم ، ولم ينقم ذلك أحد منهم.
__________________
(١) مقتضب الأثر في الأئمة الاثني عشر. (المؤلف)
(٢) مقاتل الطالبيّين : ص ١٤٨.