«الحقُّ مع ذا يزول معه حيثما زال».
وأخرج ابن مردويه ، والحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (٩ / ١٣٤) عن أمِّ سلمة أنَّها كانت تقول : كان عليٌّ على الحقِّ ، من اتّبعه اتّبع الحقَّ ، ومن تركه ترك الحقَّ ، عهداً معهوداً قبل يومه هذا (١).
ومرَّ في (١ / ١٦٦) من طريق شيخ الإسلام الحمّوئي قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في أوصيائه : «فإنَّهم مع الحقِّ ، والحقُّ معهم لا يزايلونه ولا يزايلهم».
وليت شعري هذا الكلام لما ذا يُنزَّه عنه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟! لاشتماله على كلمة إلحاديّة؟ أو إشراك بالله العظيم؟ أو أمر خارج عن نواميس الدين المبين؟
أنا أقول عنه لما ذا : لأنَّه في فضل مولانا أمير المؤمنين ، والرجل لا يروقه شيء من ذلك. ونعم الحَكَم الله ، والخصيم محمد.
ولا يذهب على القارئ أنَّ هذا الحديث عبارة أخرى لما ثبتت صحّته عن أمّ سلمة ، من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «عليٌّ مع القرآن والقرآن معه ، لا يفترقان حتى يردا عليَّ الحوض» (٢).
وكلا الحديثين يرميان إلى مغزى الصحيح المتواتر الثابت عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم من قوله : «إنّي تاركٌ ـ أو مخلّفٌ ـ فيكم الثقلين ـ أو الخليفتين ـ : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض».
فإذا كان ما يراه ابن تيميّة غير ممكن الصدور عن مبدأ الرسالة ، فهذه
__________________
(١) في لفظ الهيثمي : عهد معهود. (المؤلف)
(٢) مستدرك الحاكم : ٣ / ١٢٤ [٣ / ١٣٤ ح ٤٦٢٨] صحّحه هو وأقرّه الذهبي ، المعجم الأوسط للطبراني [٥ / ٤٥٥ ح ٤٨٧٧] وحسّن سنده ، الصواعق : ص ٧٤ ، ٧٥ [ص ١٢٤ ، ١٢٦] ، الجامع الصغير : ٢ / ١٤٠ [٢ / ١٧٧ ح ٥٥٩٤] ، تاريخ الخلفاء للسيوطي : ص ١١٦ [ص ١٦٢] ، فيض القدير : ٤ / ٣٥٦. (المؤلف)