وإِذا نصَبنَ قُرونهنَ لغَدرةٍ |
فكأنما حلّتْ لهن نُذورُ |
وقال أبو الهيثم : القرون هاهنا : حبائل الصَّياد يجعل فيها قُرون يَصطاد بها ، وهي هذه الفخوخ التي يصطاد بها الصِّعاءُ والحمام. يقول : فهؤلاء النساء إذا صرنا في قرونهنَ فاصطدنَا فكأَنهنّ كانت عليهنّ نذور أن يقتلننا فحلّت.
وقال الأصمعيّ : القَرْن : جَمْعُك بين دابَّتين في حَبْل. والحَبْل الذي يُلَزّان به يُدعَى قَرَناً.
قال : وقَرْنا البئر ، هما ما بُنِي فعُرِّض ، فيُجعَل عليه خَشبٌ تُعَلَّق البكرة منه.
وقال الراجز :
تَبَيَّن القَرْنين فانظر ما هما |
أمَدَراً أم حَجَراً تراهما |
وقال أبو سفيان بن حرب للعباس بن عبد المطلب حين رأَى المسلمين وطاعتهم لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، واتِّباعَهم إيّاه حينَ صلَّى بهم : «ما رأيتُ كاليوم طاعةَ قَوْم ، ولا فارسَ الأكارِم ، ولا الرُّوم ذاتَ القُرون».
قيل في تفسيره : إنَّهم قيل لهم ذات القرون لتَوارثهم المُلْكَ قَرْناً بعد قَرْن ؛ وقيل : سُمُّوا بذلك لقُرون شعورهم وتوفيرِهم إيَّاها ، وأنَّهم لا يَجُزّونها.
وقال المرقَش :
لاتَ هَنَّا وليتَني طَرَفَ الزُّ |
جِّ وأهلِي بالشامِ ذاتِ القُرون |
أراد الرومَ ، وكانوا ينزلون الشام.
ومن أمثال العَرَب : «تَرَحك فلانٌ فلاناً على مثْل مَقَصِ قَرْن» ، و «مَقَطّ قَرْن».
قال الأصمعيّ : القَرْن : جبلٌ مُطِلّ على عَرفات. وأنشد :
وأصبَحَ عَهدُه كَمَقصِ قَرْنٍ |
فلا عَيْنٌ تُحَسّ ولا أثَارُ |
ويقال : القَرْن هاهنا الحَجَر الأملس النقيُّ الذي لا أثَرَ فيه. يُضرب هذا المَثل لمن يستأصل ويُصْطَلَم. والقَرْن : إذا قُصَّ أو قُطُّ بَقيَ ذلك الموضعُ أَملَسَ.
وفي الحديث : «الشمس تَطلُع بين قَرنَيْ شيطان ، فإذا طلَعَتْ قارنَها ، فإذا ارتفعَتْ فارقَها».
ونَهَى النبي صلىاللهعليهوسلم عن الصلاة في هذا الوقت.
وقيل : قَرْنا الشيطان : ناحيتا رأسه ، وقيل : قَرْناه : جَمعاه اللذان يُغْريهما بالبَشَر ويفرِّقهما فيهم مُضِلِّين.
ويقال : إن الأشعّة التي تتقَضَّب عند طُلوع الشمس وتتراءى لمن استَقبَلها أنَّها تُشرق عليهما ، ومنه قوله :
فصبّحتْ والشمسُ لم تَقَضَّبِ |
عَيْناً بَغَضْيانَ ثجوجِ العُنْبُبِ |
ويقال : إنّ الشيطانَ وقرنيه مَدْحُورون ليلةَ القَدْر عن مَراتبهم ، مُزالون عَنْ مَقاماتهم ،