يتضح التخصيص فى قوله تعالى : (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُ) [البقرة : ١٠٩](١) حيث (حسدا) مفعول لأجله منصوب (٢) ، وهو مختص بشبه الجملة (من عند) ، حيث تكون فى محل نصب صفة ، أو متعلقة بمحذوف صفة (كائنا) (٣). أو متعلقة بالحسد.
أما قوله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ) [الأنبياء : ٣٥]. ففيه (فتنة) منصوبة ، ومن أرجح أوجه نصبها أن تكون مفعولا لأجله (٤) ، وهو إن لم يظهر فيه التخصيص فإنه مقدر ، حيث التقدير : فتنة
__________________
(١) شبه جملة (من أهل) فى محل رفع ، نعت للفاعل (كثير). (كفارا) : مفعول به ثان ل (رد) ، والمفعول الأول : ضمير المخاطبين فى (يردونكم) ، وتكون (ردّ) بمعنى حيّر التى تتعدى إلى مفعولين. ومن النحاة من يجعل (رد) متعدية إلى واحد ، وتكون (كفارا) حالا من ضمير المخاطبين فى يردونكم ، وهو ضعيف ؛ لأن الحال يستغنى عنها غالبا. وهذا مما لا يستغنى عنه ـ معنويا ـ كى يكتمل السياق. (ما تبين) ما مصدرية لا محل لها من الإعراب. والمصدر المؤول من (ما) والفعل فى محل جر بالإضافة.
وشبه الجملة : (من بعد) متعلقة بالفعل (ود).
(٢) يمكن أن نلمس فى نصب (حسدا) وجهين آخرين :
أولهما : أنه منصوب على الحالية. ويؤول بمشتق ، تقديره : حاسدين ، وهو ضعيف ، حيث يستلزم التأول بالمشتق ، وكذلك بالجمع. كما أن الحال لا تطرد مصدرا.
والآخر : أنه منصوب على المصدرية بفعل يقدر من لفظه ، والتقدير : يحسدونكم حسدا. لكن المفعول لأجله أظهر. ينظر : الدر المصون ١ ـ ٣٤١.
(٣) يذكر فى موقع شبه الجملة (من عند) وجهان آخران :
أولهما : أنها متعلقة بالفعل (ود).
والآخر : أنها متعلقة بالفعل (يرد).
ينظر : الموضع السابق.
(٤) فى نصب (فتنة) وجهان آخران مرجوحان :
أولهما : أن يكون منصوبا على المصدرية ، على أنه نائب عن المفعول المطلق ، حيث إن العامل : نبلو ، وهو مرادف للفتنة ؛ لأن الابتلاء فتنة.
والآخر : أنه منصوب على الحالية ، حيث يؤول المصدر هنا بمشتق ، والتقدير : فاتنين إياكم.
ينظر : روح المعانى ١٧ ـ ٤٧.