يجعل النحاة الرفع أصله أن يكون للفاعل ، وجميع ما يرفع من الأسماء راجع إليه بوجه ما. فما يرفع من العمد إنما يرفع بالحمل على الفاعل (١).
ويختلف النحاة فيما بينهم فى عامل رفع الفاعل ـ حيث إنه الأصل ـ وذلك على النحو الآتى (٢) :
أولا : ارتفع الفاعل بالعامل المسند إليه من فعل أو ما ضمن معنى الفعل ، حيث يرفع حقيقة لفظا ومعنى إن خلا من الأحرف الزائدة التى تسبقه (من والباء) ، نحو : حضر المجتهد : (مُخْتَلِفاً أَلْوانُها) [فاطر : ٢٧] ، ويرفع الفاعل حكما أو تقديرا إن سبق بأحد الحرفين الزائدين ، نحو : ما جاء من أحد : (كَفى بِاللهِ شَهِيداً) [الرعد : ٤٣] ، فكل من (أحد ، ولفظ الجلالة : الله) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد ، أو جر بالإضافة إلى العامل ، كما فى قوله تعالى : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ ..) [الحج : ٤٠] ، وعلى هذا سيبويه وجمهور النحاة.
ثانيا : يرفع بالإسناد ، فيكون عامل رفعه معنويا ، وعلى هذا هشام وخلف الأحمر (٣).
ثالثا : يرفع الفاعل لشبهه بالمبتدإ ، ذلك أن المبتدأ يخبر عنه بالخبر ، والفاعل يخبر عنه بفعله. وهذا رأى من يذهب إلى أن المبتدأ أصل فى الرفع.
رابعا : ذهب آخرون إلى أنه يرفع بكونه فاعلا ، أى : أدّى معنى الفاعلية ، أو لإحداثه الفعل ، أى : بمعنى الفاعلية ، ويرد عليه بأنه قد ارتفع ، وإن لم يكن فاعلا في المعنى ، نحو : مات زيد ، وأقام زيد؟ ، وما قام زيد (٤).
خامسا : وقال آخرون : ارتفع بالفعل والإسناد معا ، إذ لو تجرد الفعل عن الإسناد لم يرتفع (٥).
__________________
(١) ينظر : البسيط في شرح الجمل ١ ـ ٢٥٩.
(٢) ينظر : التسهيل ٧٧ / المساعد ١ ـ ٣٨٦ / شرح شذور الذهب ١٥٩ / الهمع ١ ـ ١٥٩.
(٣) ينظر : أسرار العربية ٢٥ / التسهيل ٧٥ / شرح التصريح ١ ـ ٢٦٩ / الهمع ١ ـ ١٥٩.
(٤) ينظر : المقتضب ١ ـ ٩ / شرح جمل الزجاجى ١ ـ ١٦٥.
(٥) ينظر : شرح جمل الزجاجى ١ ـ ١٦٥.