الموارد ـ كمواقع التقيّة وأشباهها ـ إنّما هو إناطة هذه التكاليف بالعجز حال الفعل لا مطلقا ، فيجوز له البدار إلى الصلاة في سعة الوقت وإن احتمل زوال العجز في الأثناء أو بعدها ، وتصحّ صلاته ، كما يؤيّده إطلاق فتوى الأصحاب بالمضيّ في صلاته عند تجدّد القدرة أو العجز في الأثناء من غير نقل خلاف عن أحد منّا.
ولا ينافيه الالتزام بعدم جواز الدخول في الصلاة لو علم بزوال عجزه قبل فوات الوقت ؛ لإمكان دعوى انصراف أدلّتها عن مثل الفرض.
ألا ترى أنّه لو أمر المولى عبده بإطعام شخص ـ مثلا ـ في الغد بخبز الحنطة مع الإمكان وبالشعير لدى العجز ، فلم يجد العبد في البلد إلّا الشعير فأطعمه بذلك ، يعدّ ممتثلا وإن احتمل حال الإطعام تجدّد القدرة من تحصيل الحنطة فيما بعد ، بخلاف ما لو علم بأنّه سيتمكّن من تحصيله في زمان يقع امتثالا للواجب.
والحاصل : أنّه فرق في المعذوريّة بالنسبة إلى التكاليف العذريّة بين ما إذا علم قبل التلبّس بالعمل بتجدّد القدرة له ، وبين ما إذا لم يعلم بذلك وإن احتمله ، فلا ينسبق إلى الذهن إرادة العاجز الذي يعلم بزوال عجزه قبل فوات الوقت من إطلاق أدلّتها ، كما نبّهنا على ذلك في مبحث التيمّم عند التكلّم في جوازه في سعة الوقت ، وكذا في مبحث التقيّة في باب الوضوء ، فراجع (١).
فتلخّص أنّ المتّجه هو ما ذكره الأصحاب من المضيّ في صلاته على حسب ما يقتضيه حاله من الانتقال إلى الحالة الدنيا أو العليا ، ولكنّ الأحوط
__________________
(١) ج ٦ ، ص ٢٣٧ ـ ٢٣٨ ، وج ٢ ، ص ٤٤٩.