أنّ القادر على تعلّم الفاتحة مكلّف بالصلاة معها ، ويستحقّ المؤاخذة على تركها ، فمن الجائز أن لم تكن الصلاة المشروعة في حقّه إلّا هذه الصلاة التي فرّط فيها ، فيكون تركه للتعلّم بمنزلة تأخيره للصلاة إلى أن يتضيّق الوقت عن أدائها في عدم كونه منافيا لعموم «الصلاة لا تسقط بحال» فالأحوط إن لم يكن أقوى هو الجمع بين الصلاة الاضطراريّة في الوقت وقضائها تامّة في خارجه ، كما حكي القول به عن الموجز وشرحه (١).
وكيف كان فهل يعتبر في مشروعيّة الإتيان بما تيسّر عند ضيق الوقت عن التعلّم العجز عن الائتمام الذي هو فرد اختياريّ للمأمور به ، أم هو مخيّر بينهما كما هو الأظهر في من عداه من أفراد العاجز عن القراءة ممّن لم ينشأ عجزه عن ضيق الوقت عن التعلّم كالأخرس ونظائره على ما ستعرفه؟ وجهان ، أشبههما : الأوّل ؛ فإنّ مقتضى القاعدة : عدم الانتقال إلى الفرد الاضطراريّ الذي ثبتت مشروعيّته بقاعدة الميسور و [نظائرها] (٢) إلّا بعد العجز عن الخروج عن عهدة المأمور به في ضمن فرد اختياريّ.
ولكن مع ذلك لا يبعد الالتزام بالتخيير ، كما في حقّ القادر ؛ نظرا إلى إمكان أن يدّعى أنّ الذي يظهر بالتدبّر في النصوص والفتاوى هو أنّ العبرة في تنجّز التكليف بالأفعال الاختياريّة المعتبرة في الصلاة أو ببدلها إنّما هو بقدرة المكلّف وعجزه عنها بالنظر إلى ذاته من حيث هو ، وكونه قادرا على الإتيان بفرد اختياريّ من الصلاة بإدراج نفسه في موضوع يسقط عنه القراءة لا يجعله قادرا على قراءة الفاتحة المعتبرة في الصلاة من حيث هي.
وإن شئت قلت : إنّ سقوط القراءة عن المأموم من الأحكام الثانويّة
__________________
(١) الموجز الحاوي (ضمن الرسائل العشر) : ٧٧ ، وكشف الالتباس مخطوط ، وحكاه عنهما العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ٣٧٢.
(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : «نظائره». والظاهر ما أثبتناه.