ظهور كثير من النصوص في كونها من الأمور المسلّمة المفروغ عنها لدى الأئمّة والسائلين ، كما لا يخفى.
وهل يجوز الاكتفاء بأقلّ من سورة بعنوان المشروعيّة على سبيل التوظيف كما ربّما يلوح ذلك من بعض كلماتهم في مقام توجيه بعض الأخبار الواردة في التبعيض (١) من حمله على النافلة ، ويومئ إليه قوله عليهالسلام في خبر منصور بن حازم : «لا تقرأ في المكتوبة بأقلّ من سورة ولا بأكثر» (٢)؟ فيه تردّد ، والأحوط عند إرادة التبعيض عدم قصد التوظيف.
وأمّا قراءة الأكثر من سورة فقد عرفت في مبحث القران نفي البأس عنه ، وقضيّة ذلك : كونه أفضل من الاكتفاء بسورة ، لا لأنّ مقتضى شرعيّة الزيادة رجحانها ، وإلّا لم يعقل وقوعها عبادة ؛ لما عرفت في مبحث التكبيرات السبع الافتتاحيّة من إمكان الخدشة في ذلك بالنسبة إلى أجزاء العبادة التي لم يتعلّق بها من حيث هي أمر شرعيّ ، بل لأنّ القراءة من حيث هي راجحة شرعا ، فإذا نفي البأس عنها في مورد بأن لم تكن في خصوص هذا المورد مشتملة على جهة مقتضية للمنع عنها ـ كالقران بين سورتين في الفريضة ـ اقتضى ذلك في كلّ موضع شرّعت أن يكون أكثرها أكثر فضلا من أقلّها.
نعم ، قد يتّجه التفصيل بين النوافل الليليّة والنهاريّة ؛ لوقوع النهي عن القران في النهاريّة في رواية محمّد بن القاسم ، قال : سألت عبدا صالحا هل يجوز أن يقرأ في صلاة الليل بالسورتين والثلاث؟ فقال : «ما كان من صلاة
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٧٣ / ٢٧١ ، الوسائل ، الباب ٤ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٥.
(٢) تقدّم تخريجه في ص ١٧٨ ، الهامش (٣).