ناشئا من الشكّ في بقاء المقتضي.
وفيه ـ بعد تسليم الخدشة في الإطلاقات والاستصحاب ـ أنّ الحقّ هو الرجوع إلى البراءة في مثل المقام ، لا الاشتغال.
هذا ، مع أنّ دعوى انصراف إطلاقات الأدلّة إلى التخيير الابتدائي لو سلّمت فإنّما هي في مثل قوله عليهالسلام : «إن شئت سبّحت وإن شئت قرأت» (١) ممّا كان مفاده التخيير ، فيتّجه حينئذ دعوى انصرافه إلى إرادته في الابتداء.
ولكنّك خبير بأنّ جلّ أخبار الباب ليس كذلك ، بل في كثير منها الأمر بخصوص التسبيح على الإطلاق ، وفي جملة الأمر بفاتحة الكتاب كذلك ، فلا يجوز رفع اليد عن إطلاق هذه الأوامر ـ سواء أريد بها الاستحباب أو الوجوب ـ إلّا بمقدار ما يقتضيه الجمع بين الأدلّة بعد العلم بوحدة التكليف وجواز كلّ منهما من تقييد إطلاق الأمر المتعلّق بكلّ منهما بما إذا لم يخرج من عهدة تكليفه بالإتيان بالآخر.
والحاصل : أنّه لا معنى لدعوى الانصراف المزبور في مثل قوله : «اقرأ في الأوليين وسبّح في الأخيرتين» (٢) ومثل قوله في صحيحة زرارة بعد النهي عن القراءة في الأخيرتين : «وقل : سبحان الله والحمد لله» (٣) الحديث ، ومثل قوله عليهالسلام : «إذا كنت إماما فاقرأ في الركعتين الأخيرتين فاتحة الكتاب» (٤) الحديث ، إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة التي ليس في شيء منها إشعار بالتخيير كي يدّعى انصرافه إلى التخيير البدوي ، غاية الأمر أنّه فهم من
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ١٥٧ ، الهامش (٢).
(٢) تقدّم تخريجه في ص ١٦٧ ، الهامش (٥).
(٣) تقدّم تخريجه في ص ١٦٥ ، الهامش (٥).
(٤) تقدّم تخريجه في ص ١٧٤ ، الهامش (١).