بطبيعته ـ حصلت الإطاعة بذلك الشبر دون مازاد عليه وإن كان جزءا من ذلك الخطّ ، بخلاف ما لو أتى بمجموعه بذلك الداعي ؛ فإنّ الامتثال حينئذ يحصل بمجموعه ، فالطلب المتعلّق بطبيعة مطلقة امتثاله مراعى بفراغه من إيجاد ما دعاه ذلك الطلب إلى فعله من مصاديقها ، ولا يلاحظ كلّ جزئيّ جزئيّ من مصاديقها المتحقّقة بذلك الداعي في حدّ ذاته فعلا مستقلّا ؛ إذ المجموع من حيث المجموع أيضا مصداق لها ، وقد وجد بداعي أمرها ، فيجب أن يقع امتثالا له ، فلو دلّ الدليل ـ مثلا ـ على أنّه يجب على من دخل المسجد أن يتصدّق بشي من ماله ولو بشقّ تمر ، وأن يقرأ القرآن ولو آية منه ، وأن يصلّي تحيّة للمسجد ولو بركعتين ، يفهم من ذلك أنّ المأمور به بهذه الأوامر هو مطلق الاشتغال والتلبّس بإيجاد هذه الطبائع قلّت أو كثرت ، وأنّ الأشياء المصرّح بها هي أقلّ المجزئ في مقام امتثال الأوامر المتعلّقة بها ، فيجوز له اختيار الأكثر بل أفضل ، فلو دخل المسجد ، جاز له أن يشتغل بقراءة القرآن من أوّله إلى آخره ولو مكرّرا ، أو يتصدّق بكثير من ماله ويسلّمه إلى الفقير ولو شيئا فشيئا على سبيل التعاقب ، أو يصلّي صلوات كثيرة قاصدا بها امتثال تلك الأوامر.
ولا تتوهّم أنّ ما عدا الفرد الأوّل في مثل الصلاة والتصدّق بدراهم على سبيل التعاقب وكذا الزائد عن المسمّى في مثل قراءة القرآن والخطّ ونحوه لا يتّصف بالوجوب ، بل بالاستحباب ؛ لجواز تركه لا إلى بدل ؛ إذ المفروض أنّه لم يصدر من الآمر إلّا أمر واحد ، وقد علم من تصريحه أو من الخارج أنّ الإتيان بالأكثر أتمّ وأكمل في تحصيل مطلوبه ، لا أنّ ما زاد على المسمّى مطلوب بطلب آخر.