فعدم فهم المشهور منها الشرطيّة كاشف إمّا عن فساد الدعوى من أصلها ، أو في خصوص المورد ؛ لخصوصيّة مانعة عن ظهورها في الطلب الشرطي ، مع أنّه يكفي في ذلك الشكّ في الخصوصيّة المانعة ؛ حيث إنّ مقتضى الأصل كون الأوامر والنواهي شرعيّة لا شرطيّة ، فلا تصلح الأخبار حينئذ مانعة عن الرجوع إلى الأصل بعد قيام احتمال كونها مسوقة لإرادة الحكم التكليفي ، كما هو واضح.
ويحتمل أن يكون وجه عدم استفادة المشهور من هذه الأخبار الشرطيّة بالنسبة إلى أصل الطبيعة : ما سنشير إليه عند نفي شرطيّة القيام.
وكيف كان فالإنصاف أنّ إنكار ظهور الأخبار المزبورة في الشرطيّة خصوصا بعضها ـ كخبري (١) عليّ بن جعفر ، اللّذين ورد في أوّلهما الأمر بالوضوء وإعادة الإقامة ، وفي ثانيهما النهي عن أن يصلّي بإقامته الواقعة بلا وضوء ـ مجازفة.
اللهمّ إلّا أن يناقش في مثل هذه الروايات الغير القابلة للخدشة في ظهورها :بضعف السند.
وكيف كان فالقول بالاعتبار أوفق بظواهر النصوص.
فمن هنا قد يحتمل أن يكون حكم المشهور بالاستحباب ناشئا من بنائهم على استحباب الإقامة في حدّ ذاتها ، فأرادوا به الاستحباب الشرعي الغير المنافي للشرطيّة ، فيكون حكمهم بالاستحباب في المقام كحكمهم ـ عند تعداد الوضوءات المستحبّة ـ بندب الوضوء لغاياته المندوبة من صلاة ونحوها.
__________________
(١) تقدّما في ص ٢٧١.