راوي الأولى بين الثقة والضعيف ، وجهالة راوي الثانية ، فلا يسوغ التعلّق بهما. ثمّ لو سلّمنا العمل بهما ، لوجب اختصاص الحكم بالصلاة الواقعة في المسجد ، كما ذكره في النافع والمعتبر ؛ لأنّه مدلول الروايتين ، ويجوز أن تكون الحكمة في السقوط مراعاة جانب إمام المسجد ، الراتب بترك ما يوجب الحثّ على الاجتماع ثانيا (١). انتهى.
أقول : أمّا ضعف سند الروايتين ـ كغيرهما من الأخبار المتقدّمة ـ : فعلى تقدير تسليمه مجبور بعمل الطائفة بهما قديما وحديثا ؛ إذ لا رادّ لهذا الحكم ولا مخالف فيه على ما ادّعاه في الحدائق (٢) ، فلا ينبغي التوقّف في أصل الحكم.
وأمّا دعوى اختصاصه بالصلاة في المسجد ؛ لورود الروايات فيها : فقد يقال في دفعها بأنّ خصوصيّة المورد لا توجب قصر الحكم.
وفيه : أنّ هذا لا يكفي في التعميم ما لم يدلّ عليه دليل. أو يعلم بعدم مدخليّة الخصوصيّة في ذلك بتنقيح المناط ونحوه ، وهو لا يخلو عن إشكال ، ولذا خصّه غير واحد بالمسجد ؛ اقتصارا في الحكم المخالف للعمومات على مورد النصّ.
وأمّا ما أبداه من الاحتمال لمدخليّة الخصوصيّة من جواز كون حكمة الحكم رعاية جانب الإمام بترك ما يوجب الحثّ على الاجتماع ثانيا : فهو يناسب القول المحكيّ عن المبسوط من استحباب الأذان مطلقا ولكن لا يرفع به
__________________
(١) مدارك الأحكام ٣ : ٢٦٦ ـ ٢٦٧ ، وراجع : المختصر النافع : ٢٧ ، والمعتبر ٢ : ١٣٦.
(٢) الحدائق الناضرة ٧ : ٣٨٦.