وقد تقرّر في محلّه بطلانه ، وتبيّن في ذلك المحلّ أنّه لو كان لفعل واحد شخصيّ جهات مختلفة وعناوين متعدّدة ، يتبع الحكم الفعلي جهته القاهرة المؤثّرة في حسن الفعل وقبحه من حيث صدوره من المكلّف ، فإنّه بهذه الملاحظة ليس له إلّا جهة واحدة ، فإن كانت مفسدته قاهرة فقبيح ، أو مصلحته فحسن ، وإن تكافئتا فمباح.
نعم ، لو لم يكن للجهة القاهرة تأثير في قبح الفعل من حيث صدوره من فاعله بأن لم يكن اختياريا له من تلك الجهة ، لحقه الحكم من سائر الجهات ، كما تقدّم (١) التنبيه عليه عند تصحيح صلاة ناسي الغصبيّة وجاهله في باب اللباس ، وتقدّم شطر واف من الكلام فيما يرتبط بالمقام في مبحث التيمّم عند التكلّم فيما إذا تحقّق بوضوئه أو غسله عنوان محرّم ، فراجع (٢).
فعمدة مستند المشهور القائلين ببطلان الصلاة في المكان المغصوب : أنّ الحركات الصلاتيّة وأكوانها بأسرها تصرف في ملك الغير بغير إذنه ، وهو مبغوض عند الله ومحرّم شرعا ، فالفعل الخاصّ الخارجي الذي هو مصداق لهذا المفهوم المحرّم الذي لا يتخلّف عنه حكمه بمقتضى عموم أدلّته بعد فرض كونه اختياريا للمكلّف بهذا العنوان المقبّح له موصوف بالفعل بالقبح ، وموجب لاستحقاق العقاب عليه ، فلا يحبّه الله ، بل يبغضه ، فلا يكون مقرّبا إليه (٣) تعالى كي
__________________
(١) في ج ١٠ ، ص ٣٦١ ـ ٣٦٢.
(٢) ج ٦ ، ص ١٦١ ـ ١٦٣.
(٣) في «ض ١٢» : «إلى الله» بدل «إليه».