ولعل مستند القول بكفايته ـ كما لعلّه المشهور ـ دعوى استفادته من اكتفاء الشارع به في رفع الكراهة في نظائر المقام ، كالصلاة إلى الإنسان ونحوه ممّا ستعرف. وفيه تأمّل.
(أو) يكون (بينه وبينها عشرة أذرع) فتنتفي الكراهة بهذا أيضا ، كما شهد به موثّقة عمّار ، المتقدّمة (١).
ولكن ربما يستشكل في ظاهر الموثّقة بدلالتها على اعتبار البعد المذكور مطلقا حتى فيما إذا كانت القبور خلفه ، وهو خلاف ما يظهر من فتاوى الأصحاب.
ويمكن دفعه : بأنّ الموثّقة إنّما وردت فيما لو صلّى بين القبور ، فأريد بها التباعد عن القبور بالمقدار المذكور من أيّ ناحية فيما لو أحيط به القبور من جميع الجوانب ، ولا مانع عن الالتزام به في مثل الفرض الذي لو لا البعد المذكور ربما يصدق عليه اسم الصلاة في المقابر أو على القبور ، وهذا بخلاف ما لو كانت القبور جميعها خلفه أو عن يمينه أو شماله ، فلا يصدق عليه حينئذ أنّه صلّى على القبر أو في المقابر أو فيما بين القبور ، كما هو واضح.
(و) تكره الصلاة أيضا في (بيوت النيران) على المشهور بين الأصحاب ، بل عن الذكرى وجامع المقاصد نسبته إليهم (٢) ، وعن الغنية الإجماع عليه (٣) ، وهذه هي عمدة مستند الكراهة ، وكفى بها دليلا بعد البناء على المسامحة.
__________________
(١) في ص ١٢٤.
(٢) الذكرى ٣ : ٩٢ ، جامع المقاصد ٢ : ١٣٠ ، وحكاها عنهما العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ٢٠٨.
(٣) الغنية ٦٧ ، وحكاه عنها العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ٢٠٨.