الشَّيْطانُ) ، تقديره : الّذين ينفقون أموالهم رئاء الناس فقرينهم الشيطان.
و «رئاء الناس» منصوب على العلّيّة ، أي : للمراءاة والفخار ، وليقال : إنّهم أسخياء ، لا لوجه الله.
وقيل : هم مشركو قريش أنفقوا أموالهم في عداوة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. وقيل : هم المنافقون.
(وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ) ليتحرّوا بالإنفاق مراضيه وثوابه (وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً) هذا تنبيه على أنّ الشيطان قرنهم ، فحملهم على البخل والرياء وكلّ شرّ وفساد ، وزيّنه لهم ، كقوله تعالى : (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ) (١). والمراد : إبليس وأعوانه من الجنّ والإنس. ويجوز أن يكون وعيدا لهم بأن يكون الشيطان مقرونا بهم في النار.
(وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللهُ) أي : وما الّذي عليهم من الشنعة؟ أو : أيّ تبعة تحيق بهم بسبب الإيمان والإنفاق في سبيل الله؟
وهذا توبيخ لهم وتهجين على الجهل بمكان المنفعة ، والاعتقاد في الشيء على خلاف ما هو عليه في نفس الأمر. وتحريض على الفكر لطلب الجواب ، لعلّه يؤدّي بهم إلى العلم بما فيه من الفوائد الجليلة والعوائد الجميلة. وتنبيه على أنّ المدعوّ إلى أمر لا ضرر فيه ينبغي أن يجيب إليه احتياطا ، فكيف إذا تضمّن المنافع؟! وإبطال لقول من قال : إنّهم لا يقدرون على الإيمان ، لأنّه لا يحسن أن يقال للعاجز عن الشيء : ماذا عليك لو فعلت كذا؟ فلا يقال للقصير : ماذا عليك لو كنت طويلا؟! وللأعمى : ماذا عليك لو كنت بصيرا؟! وفيه أيضا دلالة على أنّ الحرام لا يكون رزقا ، من حيث إنّه سبحانه حثّهم
__________________
(١) الإسراء : ٢٧.