عن ابن عبّاس : جاء جماعة من اليهود إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالوا له : ألست تقرّ بأنّ التوراة من عند الله؟ قال : بلى. قالوا : فإنّا نؤمن بها ، ولا نؤمن بما عداها ، فنزلت : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ)
أي : على دين يعتدّ به ، ويصحّ أن يسمّى شيئا ، لأنّه باطل ، كما تقول : هذا ليس بشيء ، تريد تحقيره وتصغير شأنه (حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ) بالتصديق بما فيهما من البشارة بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والعمل بما فيهما (وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) من سائر الكتب الإلهيّة ومن القرآن ، ومن جملة إقامتها الإيمان بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم والإذعان لحكمه ، فإنّ الكتب الإلهيّة بأسرها آمرة بالإيمان بمن صدّقه المعجزة ، ناطقة بوجوب الطاعة له. والمراد إقامة أصولها ، وما لم ينسخ من فروعها.
(وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) فلا تتأسّف ولا تحزن عليهم لزيادة طغيانهم وكفرهم بما تبلّغه إليهم ، فإنّ ضرر ذلك يرجع إليهم ، لا يتخطّاهم ، وفي المؤمنين مندوحة وغناء لك عنهم. وفيه تسلية للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أي : فلا تحزن ، فإنّ تكذيب الأنبياء عادتهم ودأبهم.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) إيمانا ظاهرا ، يعني : المنافقين (وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ